اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 260
أكامن سببه أو من عند الله ، وهو قياس قول أبي حنيفة .
وبالجملة فقياس قول من يضمنه قيمته يوم الغصب فقط ، ومن جعل المغصوب
مضمونا على الغاصب بقيمته في كل أوان كانت يده عليه آخذه بأرفع القيم ،
وأوجب عليه رد الغلة وضمان النقصان سواء أكان من فعله أو من عند الله ، وهو
قول الشافعي أو قياس قوله .
ومن فرق بين الجناية التي تكون من الغاصب ، وبين الجناية التي تكون
بأمر من السماء ، وهو مشهور مذهب مالك وابن القاسم ، فعمدته قياس الشبه ،
لانه رأى أن جناية الغاصب على الشئ الذي غصبه هو غصب ثان متكرر منه ، كما
لو جنى عليه وهو في ملك صاحبه ، فهذا هو نكتة الاختلاف في هذا الباب فقف
عليه .
وأما إن كانت الجناية عند الغاصب من غير فعل الغاصب ، فالمغصوب مخير
بين أن يضمن الغاصب القيمة يوم الغصب ويتبع الغاصب الجاني ، وبين أن يترك
الغاصب ويتبع الجاني بحكم الجنايات ، فهذا حكم الجنايات على العين في يد
الغاصب .
وأما الجناية على العين من غير أن يغصبها غاصب ، فإنها تنقسم عند
مالك إلى قسمين : جناية تبطل يسيرا من المنفعة ، والمقصود من الشئ باق ،
فهذا يجب فيه ما نقص يوم الجناية ، وذلك بأن يقوم صحيحا ويقوم بالجناية ،
فيعطى ما بينالقيمتين .
وأما إن كانت الجناية مما تبطل الغرض المقصود ، فإن صاحبه يكون
مخيرا إن شاء أسلمه للجاني وأخذ قيمته ، وإن شاء أخذ قيمة الجناية ، وقال
الشافعي وأبو حنيفة : ليس له إلا قيمة الجناية .
وسبب الاختلاف : الالتفات إلى الحمل على الغاصب ، وتشبيه إتلاف أكثر المنفعة بإتلاف العين .
وأما النماء فإنه على قسمين : أحدهما : أن يكون بفعل الله كالصغير يكبر والمهزول يسمن والعيب يذهب .
والثاني : أن يكون مما أحدثه الغاصب .
فأما الاول فإنه ليس يفوت .
وأما النماء بما أحدثه الغاصب في الشئ المغصوب فإنه ينقسم فيما رواه
ابن القاسم عن مالك إلى قسمين : أحدهما : أن يكون قد جعل فيه من ماله ، ما
له عين قائمة كالصبغ في الثوب والنقش في البناء وما أشبه ذلك .
والثاني : أن لا يكون قد جعل فيه من ماله سوى العمل كالخياطة والنسج وطحن الحنطة والخشبة يعمل منها توابيت .
فأما الوجه الاول : وهو أن يجعل فيه من ماله ما له عين قائمة ، فإنه
ينقسم إلى قسمين : أحدهما : أن يكون ذلك الشئ مما يمكنه إعادته على حاله
كالبقعة يبنيها وما أشبه ذلك .
والثاني : أن لا يقدر على إعادته كالثوب يصبغه والسويق يلته .
فأما الوجه الاول : فالمغصوب منه مخير بين أن يأمر الغاصب بإعادة
البقعة على حالها وإزالة ما له فيها مما جعله من نقيض أو غيره ، وبين أن
يعطي الغاصب قيمة ماله فيها من النقض مقلوعا بعد حط أجر القلع ، وهذا إن
كان الغاصب ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا بغيره ، وإنما يستأجر عليه ، وقيل
إنه لا يحط من ذلك أجر القلع ، هذا إن كانت له قيمة ، وأما إن لم تكن له
قيمة لم يكن للغاصب على المغصوب فيه شئ ، لان من حق المغصوب أن يعيد له
الغاصب ما غصب منه على هيئته ، فإن لم يطالبه بذلك لم يكن له مقا .
وأما الوجه الثاني : فهو فيه مخير بين أن يدفع قيمة الصبغ وما أشبه ويأخذ ثوبه وبين أن يضمنه قيمة الثوب يوم غصبه ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 260