اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 262
الماشية وجبنها وصوفها ، وغلال غير متولدة بل هي منافع ، وهي الاكرية والخراجات وما أشبه ذلك .
فأما ما كان على خلقته وصورته فخلاف أعلمه أن الغاصب يرده كالولد مع الام المغصوبة وإن كان ولد الغاصب .
وإنما اختلفوا في ذلك إذا ماتت الام ، فقال مالك : هو مخير بين
الولد وقيمة الام وقال الشافعي : بل يرد الولد وقيمة الام وهو القياس .
وأما إن كان متولدا على غير خلقة الاصل وصورته ففيه قولان : أحدهما : أن للغاصب ذلك المتولد .
والثاني : أنه يلزمه رده مع الشئ المغصوب إن كان قائما أو قيمتها إن
ادعى تلفها ولم يعرف ذلك إلا من قوله ، فإن تلف الشئ المغصوب كان مخيرا
بين أن يضمنه بقيمته ولا شئ له في الغلة ، وبين أن يأخذه بالغلة ولا شئ له
من القيمة .
وأما ما كان غير متولد ، فاختلفوا فيه على خمسة أقوال : أحدها : أنه لا يلزمه رده جملة من غير تفصيل .
والثاني : أنه يلزمه رده من غير تفصيل أيضا .
والثالث : أنه يلزمه الرد إن أكرى ، ولا يلزمه الرد إن انتفع أو عطل .
والرابع : يلزمه إن أكرى أو انتفع ، ولا يلزمه إن عطل .
والخامس : الفرق بين الحيوان والاصول ، أعني أنه يرد قيمة منافع
الاصول ، ولا يرد قيمة منافع الحيوان ، وهذا كله فيما اغتل من العين
المغصوبة مع عينها وقيامها .
وأما ما اغتل منها بتصريفها وتحويل عينها كالدنانير فيغتصبها فيتجر
بها فيربح ، فالغلة له قولا واحدا في المذهب ، وقال قوم : الربح للمغصوب
وهذا أيضا إذا قصد غصب الاصل .
وأما إذا قصد غصب الغلة دون الاصل فهو ضامن للغلة بإطلاق ، ولا خلاف
في ذلك سواء عطل أو انتفع أو أكرى ، كان مما يزال به أو بما لا يزال به .
وقال أبو حنيفة : إنه من تعدى على دابة رجل فركبها أو حمل عليها فلا
كراء عليه في ركوبه إياها ولا في حمله ، لانه ضامن لها إن تلفت في تعديه ،
وهذا قوله في كل ما ينقلويحول ، فإنه لما رأى أنه قد ضمنه بالتعدي وصار
فذمته جازت له المنفعة كما تقول المالكية فيما اتجر به من المال المغصوب ،
وإن كان الفرق بينهما أن الذي اتجر به تحولت عينه ، وهذا لم تتحول عينه .
وسبب اختلافهم : في هل يرد الغاصب الغلة أو لا يردها اختلافهم في
تعميم قوله عليه الصلاة والسلام : الخراج بالضمان وقوله عليه الصلاة
والسلام : ليس لعرق ظالم حق وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام هذا خرج على
سبب ، وهو في غلام قيم فيه بعيب ، فأراد الذي صرف عليه أن يرد المشتري غلته
، وإذا خرج العام على سبب هل يقصر على سببه أم يحمل على عمومه ؟ فيه خلاف
فقهاء الامصار مشهور ، فمن قصر ههنا هذا الحكم على سببه قال إنما تجب الغلة
من قبل الضمان فيما صار إلى الانسان بشبهة ، مثل أن يشتري شيئا فيستغله
فيستحق منه .
وأما ما صار إليه بغير وجه شبهة فلا تجوز له الغلة لانه ظالم ، وليس
لعرق ظالم حق ، فعمم هذا الحديث في الاصل والغلة : أعني عموم هذا الحديث
وخصص الثاني .
وأما من عكس الامر فعمم قوله عليه الصلاة والسلام : الخراج بالضمان
على أكثر من السبب الذي خرج عليه ، وخصص قوله عليه الصلا والسلام : ليس
لعرق ظالم حق بأن جعل ذلك في الرقبة دون الغلة قال : لا يرد الغلة الغاصب .
وأما من المعنى كما تقدم من قولنا
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 262