اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 259
الركن الثالث : وهو الواجب في الغصب ، والواجب على الغاصب
ن كان المال قائما عنده بعينه لم تدخله زيادة ولا نقصان أن يرده
بعينه ، وهذا لا اختلاف فيه ، فإذا ذهبت عينه فإنهم اتفقوا على أنه إذا
كامكيلا أو موزونا أن على الغاصب المثل ، أعني مثل ما استهلك صفة ووزنا .
واختلفوا في العروض فقال مالك : لا يقضي في العروض من الحيوان وغيره إلا بالقيمة يوم استهلك .
وقال الشافعي وأبو حنيفة وداود : الواجب في ذلك المثل ، ولا تلزم القيمة إلا عند عدم المثل .
وعمدة مالك حديث أبي هريرة المشهور عن النبي ( ص ) : من أعتق شقصا
له في عبد قوم عليه الباقي قيمة العدل الحديث ، ووجه الدليل منه أنه لم
يلزمه المثل وألزمه القيمة .
وعمدة الطائفة الثانية قوله تعالى :
﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم ﴾
ولان منفعة الشئ قد تكون هي المقصودة عند المتعدى عليه ، ومن الحجة
لهم ما خرجه أبو داود من حديث أنس وغيره أن رسول الله ( ص ) كان عند بعض
نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين جارية بقصعة لها فيها طعام ، قال :
فضربت بيدها فكسرت القصعة ، فأخذ النبي ( ص ) الكسرتين فضم إحداهما إلى
الاخرى وجعل فيها جميع الطعام وهو يقول : غارت أمكم كلوا كلوا ، حتى جاءت
قصعتها التي في بيتها ، وحبس رسول الله ( ص ) القصعة حتى فرغوا ، فدفع
الصفحة الصحيحة إلى الرسول ، وحبس المكسورة في بيته وفي حديث آخر : أن
عائشكانت هي التي غارت وكسرت الاناء ، وأنها قالت لرسول الله ( ص ) : ما
كفار ما صنعت ؟ قال : إناء مثل إناء ، وطعام مثل طعام .
الباب الثاني : في الطوارئوالطوارئ على المغصوب
إما بزيادة وإما بنقصان ، وهذان إما من قبل المخلوق ، وإما من قبل الخالق .
فأما النقصان الذي يكون بأمر من السماء فإنه ليس له إلا أن يأخذه
ناقصا ، أو يضمنه قيمته يوم الغصب ، وقيل إن له أن يأخذه ويضمن الغاصب قيمة
العيب .
وأما إن كان النقص بجناية الغاصب فالمغصوب مخير في المذهب بين ان
يضمنه القيمة يوم الغصب أو يأخذه ، وما نقصته الجناية يوم الجناية عند ابن
القاسم .
وعند سحنون ما نقصته الجناية يوم الغصب ، وذهب أشهب إلى أنه مخير
بين أن يضمنه القيمة أو يأخذه ناقصا ، ولا شئ له في الجناية كالذي يصاب
بأمر من السماء ، وإليه ذهب ابن المواز .
والسبب في هذا الاختلاف : أن من جعل المغصو ب مضمونا على الغاصب
بالقيمة يوم الغصب جعل ما حدث فيه من نماء أو نقصان ، كأنحدث في ملك صحيح ،
فأوجب له الغلة ولم يوجب عليه في النقصان شيئا سو
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 259