اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 217
يجبر ، لان الاصول تقتضي أن لا يخرج ملك أحد من يده إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع .
وحجة مالك أن في ترك الاجبار ضررا ، وهذا من باب القياس المرسل وقد
قلنا في غير ما موضع إنه ليس يقول به أحد من فقهاء الامصار إلا مالك ،
ولكنه كالضروري في بعض الاشياء .
وأما إذا كانت العروض أكثر من جنس واحد ، فاتفق العلماء على قسمتها
على التراضي ، واختلفوا في قسمتها بالتعديل والسهمة ، فأجازها مالك وأصحابه
في الصنف الواحد ومنع من ذلك عبد العزيز بن أبي سلمة وابن الماجشون .
واختلف أصحاب مالك في تمييز الصنف الواحد الذي تجوز فيه السهمة من التي لا تجوز فاعتبره أشهب بما لا يجوز تسليم بعضه في بعض .
وأما ابن القاسم فاضطرب ، فمرة أجاز القسم بالسهمة فيما لا يجوز
تسليم بعضه في بعض ، فجعل القسمة أخف من السلم ، ومرة منع القسمة فيما منع
فيه السلم ، وقد قيل إن مذهبه أن القسمة في ذلك أخف ، وأن مسألة التي يظن
من قبلها أن القسمة عنده أشد من السلم تقبل التأويل على أصله الثاني .
وذهب ابن حبيب إلى أنه يجمع في القسمة ما تقارب من الصنفين مثل الخز والحرير والقطن والكتان .
وأجاز أشهب جمع صنفين في القسمة بالسهمة مع التراضي ، وذلك ضعيف لان الغرر لا يجوز بالتراضي .
الفصل الثالث : في معرفة أحكامها فأما المكيل والموزون
فلا تجوز فيه القرعة باتفاق إلا ما حكى اللخمي ، والمكيل أيضا لا
يخلو أن يكون صبرة واحدة أو صبرتين فزائدا ، فإن كان صنفا واحد ، فلا يخلو
أن تكون قسمته على الاعتدال بالكيل أو الوزن إذا دعا إلى ذلك أحد الشريكين ،
ولا خلاف في جواز قسمته على التراضي على التفضيل البين كان ذلك من الربوي
أو من غير الربوي : أعني الذي لا يجوز فيه التفاضل ، ويجوز ذلك بالكيل
المعلوم والمجهول ، ولا يجوز قسمته جزافا بغير كيل ولا وزن .
وأما إن كانت قسمته تحريا ، فقيل لا يجوز في المكيل ويجوز في
الموزون ، ويدخل في ذلك من الخلاف ما يدخل في جواز بيعه تحريا ، وأما إن لم
يكن ذلك من صبرة واحدة وكانا صنفين ، فإن كان ذلك مما لا يجوز فيه التفاضل
فلا تجوز قسمتها على جهة الجمع إلا بالكيل المعلوم فيما يكال ، وبالوزن
بالصنجة المعروفة فيما يوزن ، لانه إذا كان بمكيال مجهول لم يدر كم يحصل
فيه من الصنف الواحد إذا كانا مختلفين من الكيل المعلوم ،وهذا كله على مذهب
مالك ، لان أصل مذهبه أنه يحرم التفاضل في الصنفين إذا تقاربت منافعهما
مثل القمح والشعير ، وأما إن كان مما يجوز فيه التفاضل فيجوز قسمته على
الاعتدال والتفاضل البين المعروف بالمكيال المعروف أو الصنجة المعروفة :
أعني على جهة الجمع وإن كانا صنفين ، وهذا الجواز كله في المذهب على جهة
الرضا .
وأما في واجب الحكم فلا تنقسم كل صبرة إلا على حدة ، وإذا قسمت كل
صبرة على حدة جازت قسمتها بالمكيال المعلوم والمجهول ، فهذا كله هو حكم
القسمة التي تكون في الرقاب .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 217