اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 216
ومنها حوائط ومنها أرض ، فلا خلاف أنه لا يجمع في القسمة بالسهمة .
ومن شرط قسمة الحوائط المثمرة أن لا تقسم مع الثمرة إذا بدأ صلاحها
باتفاق في المذهب ، لانه يكون بيع الطعام بالطعام على رؤوس الثمر ، وذلك
مزابنة .
وأما قسمتها قبل بدو الصلاح ففيه اختلاف بين أصحاب مالك : أما ابن
القاسم فلا يجيز ذلك قبل الابار بحال من الاحوال ، ويعتل لذلك لانه يؤدي
إلى بيع طعام بطعام متفاضلا ، ولذلك زعم أنه لم يجز مالك شراء الثمر الذي
لم يطب بالطعام لا نسيئه ولا نقدا ، وأما إن كان بعد الابار ، فإنه لا يجوز
عنده إلا بشرط أن يشترط أحدهما على الآخر أن ما وقع من الثمر في نصيبه فهو
داخل في القسمة ، وما لم يدخل في نصيبه فهم فيه على الشركة .
والعلة في ذلك عنده أنه يجوزاشتراط المشتري الثمر بعد الابار ولا
يجوز قبل الابار ، فكأن أحدهما اشترى حظ صاحبه من جميع الثمرات التي وقعت
له في القسمة بحظه من الثمرات التي وقعت لشريكه واشترط الثمر .
وصفة القسم بالقرعة : أن تقسم الفريضة وتحقق وتضرب إن كان في سهامهم
كسر إلى أن تصح السهام ، ثم يقوم كل موضع منها وكل نوع من غراساتها ، ثم
يعدل على أقل السهام بالقيمة ، فربما عدل جزء من موضع ثلاثة أجزاء من موضع
آخر على قيم الارضين ومواضعها ، فإذا قسمت على هذه الصفات وعدلت كتبت في
بطائق أسماء الاشراك وأسماء الجهات ، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها ، وقيل
يرمى بالاسماء في الجهات ، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها ، فإن كان أكثر من
ذلك السهم ضوعف له حتى يتم حظه ، فهذه هي حال قرعة السهم في الرقاب .
والسهمة إنما جعلها الفقهاء في القسمة تطيبا لنفوس المتقاسمين ، وهي موجودة في الشرع في مواضع : منها قوله تعالى :
﴿ فساهم فكان من المدحضين ﴾
وقوله :
﴿ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ﴾
ومن ذلك الاثر الثابت الذي جاء فيه أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته ، فأسهم رسول الله ( ص ) بينهم ، فأعتق ثلث ذلك الرقيق .
وأما القسمة بالتراضي سواء أكانت بعد تعديل وتقويم ، أو بغير تقويم
وتعديل ، فتجوز في الرقاب المتفقة والمختلفة لانه بيع من البيوع ، وإنما
يحرم فيها ما يحرم في البيوع .
الفصل الثاني : في العروض
وأما الحيوان والعروض ، فاتفق الفقهاء على أنه لا يجوز قسمة واحد منهما للفساد الداخل في ذلك .
واختلفوا إذا تشاح الشريكان في العين الواحدة منهما ، ولم يتراضيا
بالانتفاع بها على الشياع ، وأراد أحدهما أن يبيع صاحبه معه ، فقال مالك
وأصحابه : يجبر على ذلك ، فإن أراد أحدهما أن يأخذه بالقيمة التي أعطي فيها
أخذه ، وقال أهل الظاهر :
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 216