اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 206
القول في شركة الابدان
شركة الابدان بالجملة عند أبي حنيفة والمالكية جائزة ، ومنع منها الشافعي .
وعمدة الشافعية أن الشركة إنما تختص بالاموال لا بالاعمال ، لان ذلك
لا ينضبط فهو غرر عندهم ، إذ كان عمل كل واحد منهما مجهولا عند صاحبه .
وعمدة المالكية اشتراك الغانمين في الغنيمة ، وهم إنما استحقوا ذلك بالعمل .
وما روي من أن ابن مسعود شارك سعدا يوم بدر ، فأصاب سعد فرسين ولم يصب ابن مسعود شيئا ، فلم ينكر النبي ( ص ) عليهما .
وأيضا فإن المضاربة إنما تنعقد على العمل فجاز أن تنعقد عليه الشركة
، وللشافعي أن المفاوضة خارجة عن الاصول فلا يقاس عليها ، وكذلك يشبه أن
يكون حكم الغنيمة خارجا عن الشركة ، ومن شرطها عند مالك اتفاق الصنعتين
والمكان ، وقال أبو حنيفة : تجوز مع اختلاف الصنعتين ، فيشترك عنده الدباغ
والقصار ، ولا يشتركان عند مالك .
وعمدة مالك زيادة الغرر الذي يكون عند اختلاف الصنعتين أو اختلاف المكان .
وعمدة أبي حنيفة جواز الشركة على العمل .
القول في شركة الوجوه
وشركة الوجوه عند مالك والشافعي باطلة ، وقال أبو حنيفة : جائزة وهذه الشركة هي الشركة على الذمم من غير صنعة ولا مال .
وعمدة مالك والشافعي أن الشركة إنما تتعلق على المال أو على العمل ،
وكلاهما معدومان في هذه المسألة مع ما في ذلك من الغرر ، لان كل واحد
منهما عارض صاحبه بكسب غير محدود بصناعة ولا عمل مخصوص ، وأبو حنيفة يعتمد
أنه عمل من الاعمال فجاز أن تنعقد عليه الشركة .
القول في أحكام الشركة الصحيحة
وهي من العقود الجائزة لا من العقود اللازمة : أي لاحد الشريكين أن
ينفصل من الشركة متى شاء ، وهي عقد موروث ، ونفقتهما وكسوتهما من مال
الشركة إذا تقاربا في العيال ولم يخرجا عن نفقة مثلهما ويجوز لاحد الشريكين
أن يبضع وأن يقارض وأن يودع إذا دعت إلى ذلك ضرورة ، ولا يجوز له أن يهب
شيئا من مال الشركة ، ولا أن يتصرف فيهإلا تصرفا يرى أنه نظر لهما .
وأما من قصر في شئ أو تعدى فهو ضامن مثل أن يدفع مالا من التجارة
فلا يشهد وينكره القابض ، فإنه يضمن لانه قصر إذ لم يشهد ، وله أن يقبل
الشئ المعيب في الشراء وإقرار أحد الشريكين في مال لمن يتهم عليه لا يجوز ،
وتجوز إقالته وتوليته ، ولا يضمن أحد الشريكين ما ذهب من مال التجارة
باتفاق ، ولا يجوز للشريك المفاوض أن يقارض غيره إلا بإذن شريكه ويتنزل كل
واحد منهما منزلة صاحبه فيما له وفيما عليه في مال التجارة ، وفروع هذا
الباب كثيرة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 206