responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 205

المنفعة بينهما تكون على نسبة أصل الشركة .

وعمدة أهل العراق تشبيه الشركة بالقراض ، وذلك أنه لما جاز في القراض أن يكون للعامل من الربح ما اصطلحا عليه ، والعامل ليس يجعل مقابله إلا عملا فقط كان في الشركة أحرى أن يجعل للعمل جزء من المال إذا كانت الشركة مالا من كل واحد منهما وعملا ، فيكون ذلك الجزء من الربح مقابلا لفضل عمله على عمل صاحبه ، فإن الناس يتفاوتون في العمل كما يتفاوتون في غير ذلك .

وأما الركن الثالث : الذي هو العمل ، فإنه تابع كما قلنا عند مالك للمال فلا يعتبر بنفسه ، وهو عند أبي حنيفة يعتبر مع المال ، وأظن أن من العلماء من لا يجيز الشركة إلا أن يكون مالاهما متساويين التفاتا إلى العمل .

فإنهم يرون أن العمل في الغالب مستو فإذا لم يكن المال بينهماعلى التساوي كان هنالك غبن على أحدهما في العمل ، ولهذا قال ابن المنذر : أجمع العلماء على جواز الشركة التي يخرج فيها كل واحد من الشريكين مالا مثل مال صاحبه من نوعه : أعني دراهم أو دنانير ، ثم يخلطانهما حتى يصيرا مالا واحدا لا يتميز .

على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من أنواع التجارة ، وعلى أن ما كان من فضل فهو بينهما بنصفين ، وما كان من خسارة فهو كذلك ، وذلك إذا باع كل واحد منهما بحضرة صاحبه ، واشتراطه هذا الشرط يدل على أن فيه خلافا ، والمشهور عند الجمهور أنه ليس من شرط الشركاء أن يبيع كل واحد منهما بحضرة صاحبه .

القول في شركة المفاوضة

واختلفا في شركة المفاوضة ، فاتفق مالك وأبو حنيفة بالجملة على جوازها ، وإن كان اختلفوا في بعض شروطها ، وقا الشافعي : لا تجوز .

ومعنى شركة المفاوضة أن يفوض كل واحد من الشريكين إلى صاحبه التصرف في ماله مع غيبته وحضوره ، وذلك واقع عندهم في جميع أنواع الممتلكات .

وعمدة الشافعي أن اسم الشركة إنما ينطلق على اختلاط الاموال ، فإن الارباح فروع ، ولا يجوز أن تكون الفروع مشتركة إلا باشتراك أصولها ، وأما إذا اشترط كل واحد منهما ربحا لصاحبه في ملك نفسه فذلك من الغرر ومما لا يجوز ، وهذه صفة شركة المفاوضة .

وأما مالك فيرى أن كل واحد منهما قد باع جزءا من ماله بجزء من مال شريكه ، ثم وكل واحد منهما صاحبه على النظر في الجزء الذي بقي في يده .

والشافعي يرى أن الشركة ليست هي بيعا ووكالة .

وأما أبو حنيفة فهو ههنا على أصله في أنه لا يراعى في شركة العنان إلا النقد فقط .

وأما ما يختلف فيه مالك وأبو حنيفة من شروط هذه الشركة ، فإن أبا حنيفة يرى أن من شرط المفاوضة التساوي في رؤوس الاموال ، وقال مالك : ليس من شرطها ذلك تشبيها بشركة العنان ، وقال أبو حنيفة ، لا يكون لاحدهما شئ إلا أن يدخل في الشركة .

وعمدتهم أن اسم المفاوضة يقتضي هذين الامرين ، أعني تساوي المالين وتعميم ملكهما .

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست