اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 192
المال الثمن أن يتهم المقارض في تصديقه رب المال بحرصه على أخذ القراض منه .
واختلف قول مالك في القراض بالنقد من الذهب والفضة ، فروى عنه أشهب
منع ذلك ، وروى ابن القاسم جوازه ، ومنه في المصوغ ، وبالمنع في ذلك قال
الشافعي والكوفي ، فمن منع القراض بالنقد شبهها بالعروض ، ومن أجازه شبهها
بالدراهم والدنانير لقلة اختلاف أسواقها .
واختلف أيضا أصحاب مالك في القراض بالفلو س ، فمنعه ابن القاسم ،
وأجازه أشهب ، وبه قال محمد بن الحسن ، وجمهور العلماء مالك والشافعي وأبو
حنيفة على أنه إذا كان لرجل على رجل دين لم يجز أن يعطيه له قراضا قبل أن
يقبضه : أما العلة عند مالك فمخافة أن يكون أعسر بماله ، فهو يريد أن يؤخره
عنه على أن يزيد فيه ، فيكون الربا المنهي عنه ، وأما العلة عند الشافعي
وأبي حنيفة ، فإن ما في الذمة لا يتحول ويعود أمانة .
واختلفوا فيمن أمر رجلا أن يقبض دينا له على رجل آخر ، ويعمل فيه
على جهة القراض فلم يجز ذلك مالك وأصحابه ، لانه رأى إذا ازداد على العامل
كلفة ، وهو ما كلفه من قبضه ، وهذا على أصله أن من اشترط منفعة زائدة في
القراض أنه فاسد ، وأجاز ذلك الشافعي والكوفي ، قالوا : لانه وكله على
القبض ، لا أنه جعل القبض شرطا في المصارفة ، فهذا هو القول في محله .
وأما صفته فهي الصفة التي قدمناها .
الباب الثاني : في مسائل الشروط
وجملة ما لا يجوز من الشروط عند الجميع هي ما أدى عنده إلى غرر أو إلى مجهلة زائدة .
ولا خلاف بين العلماء أنه إذا اشترط أحدهما لنفسه من الربح شيئا
زائدا غير ما انعقد عليه القراض أن ذلك لا يجوز ، لانه يصير ذلك الذي انعقد
عليه القراض مجهولا ، وهذا هو الاصل عند مالك في أن لا يكون مع القراض بيع
ولا كراء ولا سلف ولا عمل ولا مرفق يشترطه أحدهما لصاحبه مع نفسه ، فهذه
جملة ما اتفقوا عليه وإن كانوا قد اختلفوا في التفصيل ، فمن ذلك اختلافهم
إذا شرط العامل الربح كله له ، فقال مالك : يجوز ، وقال الشافعي : لا يجوز ،
وقال أبو حنيفة : هو قرض لا قراض ، فمالك رأى أنه إحسان من رب المال وتطوع
، إذ كان يجوز له أن يأخذ منه الجزء القليل من المال الكثير ، والشافعي
رأى أنه غرر ، لانه إن كان خسران فعلى رب المال وبهذا يفارق القرض ، وإن
كان ربح فليس لرب المال فيه شئ .
ومنها إذا شرط رب المال الضمان على العامل ، فقال مالك : لا يجوز
القراض وهو فاسد ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : القراض جائز
والشرط باطل .
وعمدة مالك أن اشتراط الضمان زيادة غررفي القراض نفسه ، وأما أبو
حنيفة فشبهه بالشرط الفاسد في البيع على رواية أن البيع جائز والشرط باطل
اعتمادا على حديث بريرة المتقدم .
واختلفوا في المقارض يشترط رب المال عليه خصوص التصرف ، مثل أن
يشترط عليه تعيين جنس ما من السلع ، أو تعيين جنس ما من البيع ، أو تعيين
موضع ما للتجارة ، أو تعيين صنف ما من الناس يتجر معهم فقال مالك
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 192