اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 193
والشافعي في اشتراط جنس من السلع : لا يجوز ذلك إلا أن يكون ذلك
الجنس من السلع لا يختلف وقتا ما من أوقات السنة ، وقال أبو حنيفة : يلزمه
من اشترط عليه ، وإن تصرف في غير ما اشترط عليه ضمن .
فمالك والشافعي رأيا أن هذا الاشتراط من باب التضييق على المقارض
فيعظم الغرر بذلك ، وأبو حنيفة استخف الغرر الموجود في ذلك ، كما لو اشترط
عليه أن لا يشتري جنسا ما من السلع لكان على شرطه في ذلك بإجماع .
ولا يجوز القراض المؤجل عند الجمهور ، وأجازه أبو حنيفة إلا أن يتفاسخا .
فمن لم يجزه رأى أن في ذلك تضييفا على العامل يدخل عليه مزيد غرر ،
لانه ربما بارت عنده سلع فيضطر عند بلوغ الاجل إلى بيعها فيلحقه في ذلك ضرر
، ومن أجاز الاجل شبه القراض بالاجارة .
ومن هذا الباب اختلافهم في جواز اشتراط رب المال زكاة الربح على
العامل في حصته من الربح ، فقال مالك في الموطأ : لا يجوز ، ورواه عنه أشهب
، وقال ابن القاسم : ذلك جائز ، ورواه عن مالك ، وبقول مالك قال الشافعي
وحجة من لم يجزه أنه تعود حصة العامل ورب المال مجهولة ، لانه لا يدري كم
يكون المال في حين وجوب الزكاة فيه ، وتشبيها باشتراط زكاة أصل المال عليه -
أعني على العامل - فإنه لا يجوز باتفاق .
وحجة ابن القاسم أنه يرجع إلى جزء معلوم النسبة وإن لم يكن معلوم
القدر ، لان الزكاة معلومة النسبة من المال المزكى ، فكأنه اشترط عليه في
الربح الثلث إلا ربع العشر ، أو النصف إلا ربع العشر ، أو الربع إلا ربع
العشر ، وذلك جائز وليس مثل اشتراطه زكاة رأسال مال ، لان ذلك معلوم القدر
غير معلوم النسبة ، فكان ممكنا أن يحيط بالربح فيبقى عمل المقارض باطلا ،
وهل يجوز أن يشترط ذلك المقارض على رب المال ؟ في المذهب فيه قولان : قيل
بالفرق بين العامل ورب المال ، وقيل يجوز أيشترطه العامل على رب المال ،
ولا يجوز أن يشترطه رب المال علىالعامل ، وقيل عكس هذا .
واختلفوا في اشتراط العامل على رب المال غلاما بعينه على أن يكون للغلام نصيب من المال ، فأجازه مالك والشافعي وأبو حنيفة .
وقال أشهب من أصحاب مالك : لا يجوز ذلك فمن أجاز ذلك شبهه بالرجل
يقارض الرجلين ، ومن لم يجز ذلك رأى أنها زيادة ازدادها العامل على رب
المال .
فأما إن اشترط العامل غلامه ، فقال الثوري : لا يجوز ، وللغلام فيما عمل أجرة المثل ، وذلك أن حظ العامل يكون عنده مجهولا .
القول في أحكام القراض
والاحكام ، منها ما هي أحكام القراض الصحيح ، ومنها ما هي أحكام
القراض الفاسد ، وأحكام القراض الصحيح ، منها ما هي من موجبات العقد ، أعني
أنها تابعة لموجب العقد ، وتختلف فيها هل هي تابعة أو غير تابعة ؟ ومنها
أحكام طوارئ تطرأ على العقد مما لم يكن موجبه من نفس العقد ، مثل التعدي
والاختلاف وغير ذلك .
ونحن نذكر من هذه الاوصاف ما اشتهر عند فقهاء الامصار .
ونبدأ من ذلك بموجبات العقد فنقول : إنه أجمع العلماء على أن اللزوم
ليس من موجبات عقد القراض ، وإن لكل واحد منهما فسخه ما لم يشرع العامل في
القراض .
واختلفوا إذا شرع العامل ، فقال مالك : هو لازم ، وهو عقد يورث ، فإن مات وكان
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 193