اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 191
كتاب القراض ولا خلاف بين المسلمين في جواز القراض ، وأنه مما كان في الجاهلية فأقره الاسلام .
وأجمعوا على أن صفته أن يعطي الرجل الرجل المال على أن يتجر به على
جزء معلوم يأخذه العامل من ربح المال ، أي جزء كان مما يتفقان عليه ثلثا أو
ربعا أو نصفا ، وأن هذا مستثنى من الاجارة المجهولة ، وأن الرخصة في ذلك
إنما هي لموضع الرفق بالناس ، وأنه لا ضمان على العامل فيما تلف من رأس
المال إذا لم يتعد ، وإن كان اختلفوا فيما هو تعد مما ليس بتعد .
وكذلك أجمعوا بالجملة على أنه لا يقترن به شرط يزيد في مجهلة الربح
أو في الغرر الذي فيه ، وإن كان اختلفوا فيما يقتضي ذلك من الشروط مما لا
يقتضي .
وكذلك اتفقوا على أنه يجوز بالدنانير والدراهم ، واختلفوا في غير ذلك .
وبالجملة فالنظر فيه : في صفته وفي محله وفي شروطه وفي أحكامه ، ونحن نذكر في باب باب من هذه الثلاثة الابواب مشهورات مسائله .
الباب الاول : في محله
أما صفته فقد تقدمت وأنهم أجمعوا عليها ، وأما محله فإنهم أجمعوا
على أنه جائز بالدنانير والدراهم ، واختلفوا في العروض فجمهور فقهاء
الامصار على أنه لا يجوز القراض بالعروض ، وجوزه ابن أبي ليلى ، وحجة
الجمهور أن رأس المال إذا كان عروضا كان غررا لانه يقبض العرض وهو يساوي
قيمة ما ويرده وهو يساوي قيمة غيرها ، فيكون رأس المال والربح مجهولا .
وأما إن كانه رأس المال ما به يباع العروض ، فإن مالكا منعه والشافعي أيضا ، وأجازه أبو حنيفة .
وعمدة مالك أنه قارضه على ما بيعت به السلعة وعلى بيع السلعة نفسها ،
فكأنه قراض ومنفعة ، مع أن ما يبيع به السلعة مجهول ، فكأنه إنما قارضه
على رأس مال مجهول .
ويشبه أن يكون أيضا إنما منع المقارضة على قيم العروض لمكان ما
يتكلف المقارض في ذلك من البيع ، وحينئذ ينض رأس مال القراض ، وكذلك إن
أعطاه العرض الذي اشتراه به ، ولكنه أقرب الوجوه إلى الجواز ، ولعل هذا هو
الذي جوزه ابن أبي ليلى ، بل هو الظاهر من قولهم ، فإنهم حكوا عنه أنه يجوز
أن يعطى الرجل ثوبا يبيعه ، فما كان فيه من ربح فهو بينهما ، وهذا إنما هو
على أن يجعلا أصل المال الثمن الذي اشترى به الثوب ، ويشبه أيضا إن جعل
رأس
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 191