اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 170
إلا ما ورد فيه النص في حديث منقذ بن حبان أو حبان بن منقذ ،
وذلك كسائر الرخص المستثناة من الاصول مثل استثناء العرايا من المزابنة
وغير ذلك .
قالوا : وقد جاء تحديد الخيار بالثلاث في حديث المصراة وهو قوله :
من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام وأما حديث منقذ ، فأشبه طرقه
المتصلة ما رواه محمد بن اسحق عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال
لمنقذ وكان يخدع في البيع إذا بعت فقل لا خلابة وأنت بالخيار ثلاثا .
وأما عمدة أصحاب مالك ، فهو أن المفهوم من الخيار هو اختيار المبيع ،
وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون ذلك محدودا بزمان إمكان اختيار المبيع ،
وذلك يختلف بحسب مبيع مبيع ، فكأن النص إنما ورد عندهم تنبيها على هذا
المعنى ، وهو عندهم من باب الخاص أريد به العام ، وعند الطائفة الاولى من
باب الخاص أريد به الخاص .
وأما اشتراط النقد فإنه لا يجوز عند مالك وجميع أصحابه لتردده عندهم بين السلف والبيع ، وفيه ضعف .
وأما ممن ضمان المبيع في مدة الخيار ؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال
مالك وأصحابه والليث والاوزاعي : مصيبته من البائع ، والمشتري أمين ، وسواء
أكان الخيار لهما أو لاحدهما ، وقد قيل في المذهب أنه إن كان هلك بيد
البائع فلا خلاف في ضمانه إياه ، وإن كان هلك بيد المشتري فالحكم كالحكم في
الرهن والعارية إن كان مما يغلب عليه فضمانه منه ، وإن كان مما لا يغلب
فضمانه من البائع .
وقال أبو حنيفة : إن كان شرط الخيار لكليهما أو للبائع وحده فضمانه
من البائع والمبيع عن ملكه ، أما إن كان شرطه المشتري وحده فقد خرج المبيع
عن ملك البائع ولم يدخل ملك المشتري الثمن ، وبقي معلقا حتى ينقضي الخيار ،
وقد قيل عنه أن على المشتري الثمن ، وهذا يدل على أنه قد دخل عنده في ملك
المشتري .
وللشافعي قولان : أشهرهما : أن الضمان من المشتري لايهما كان الخيار .
فعمدة من رأى أن الضمان من البائع على كل حال أنه عقد غير لازم فلم ينقل الملك عن البائع كما لو قال بعتك ولم يقل المشتري قبلت .
وعمدة من رأى أنه من المشتري تشبيهه بالبيع اللازم وهوضعيف لقياسه موضع الخلاف على موضع الاتفاق .
وأما من جعل الضمان لمشترط الخيار إذا شرطه أحدهما ولم يشترطه
الثاني فلانه إن كان البائع هو المشترط فالخيار له في إبقاء المبيع على
ملكه ، وإن كان المشتري هو المشترط له فقط فقد صرفه البائع من ملكه وأبانه
فوجب أن يدخل في ملك المشتري إذا كان المشتري هو الذي شرطه فقط قال : قد
خرج عن ملك البائع لانه لم يشترط خيارا ولم يلزم أن يدخل في ملك المشتري
لانه شرط الخيار في رد الآخر له ، ولكن القول يمانع الحكم ، فإنه لا بد أن
تكون مصيبته من أحدهما ، والخلاف آيل إلى هل الخيار مشترط لايقاع الفسخ في
البيع أو لتتميم البيع ؟ فإذا قلنا لفسخ البيع فقد خرج من ضمان البائع ،
وإن قلنا لتتميمه فهو في ضمانه .
وأما المسألة الخامسة : وهي : هل يورث خيار المبيع أم لا ؟ فإن مالكا والشافعي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 170