اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 169
كتاب بيع الخيار والنظر في أصول هذا الباب ، أما أولا فهل يجوز
أم لا ؟ وإن جاز فكم مدة الخيار ؟ وهل يشترط النقدية فيه أم لا ؟ وممن ضمان
المبيع في مدة الخيار ؟ وهل يورث الخيار أم لا ؟ ومن يصح خياره ممن لا يصح
؟ وما يكون من الافعال خيارا كالقول ؟ أما جواز الخيار فعليه الجمهور .
إلا الثوري وابن أبي شبرمة وطائفة من أهل الظاهر .
وعمدة الجمهور حديث حبان بن منقذ وفيه ولك الخيار ثلاثا وما روي في حديث ابن عمر البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار .
وعمدة من منعه أنه غرر وأن الاصل هو اللزوم في البيع إلا أن يقوم
دليل على جواز البيع على الخيار من كتاب الله أو سنة ثابتة أو إجماع .
قالوا : وحديث حبان إما أنه ليس بصحيح ، وإما أنه خاص لما شكى إليه ( ص ) أنه يخدع في البيوع .
قالوا : وأما حديث ابن عمر وقوله فيه إلا بيع الخيار فقد فسر المعنى
المراد بهذا اللفظ ، وهو ما ورد فيه من لفظ آخر وهو : أن يقول أحدهما
لصاحبه : اختر وأما مدة الخيار عند الذين قالوا بجوازه فرأى مالك أن ذلك
ليس له قدر محدود في نفسه وأنه إنما يتقدر بتقدر الحاجة إلى اختلاف
المبيعات ، وذلك يتفاوت بتفاوت المبيعات : فقال : مثل اليوم واليومين في
اختيار الثوب ، والجمعة والخمسة الايام في اختيار الجارية ، والشهر ونحوه
في اختيار الدار .
وبالجملة فلا يجوز عنده الاجل الطويل الذي فيه فضل عن اختيار المبيع
، وقال الشافعي وأبو حنيفة : أجل الخيار ثلاثة أيام ، لا يجوز أكثر من ذلك
.
وقال أحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن يجوز الخيار لاي مدة اشترطت ، وبه قال داود .
واختلفوا في الخيار المطلق دون المقيد بمدة معلومة ، فقال الثوري
والحسن بن جني وجماعة بجواز اشتراط الخيار مطلقا ويكون له الخيار أبدا ،
وقال مالك يجوز الخيار المطلق ولكن السلطان يضرب فيه أجل مثله .
وقال أبو حنيفة والشافعي لا يجوز بحال الخيار المطلق ويفسد البيع .
واختلف أبو حنيفة والشافعي إن وقع الخيار في الثلاثة أيام زمن
الخيار المطلق ، فقال أبو حنيفة : إن وقع في الثلاثة الايام جاز ، وإمضت
الثلاثة فسد البيع ، وقال الشافعي : بل هو فاسد على كل حال ، فهذه هي
أقاويل فقهاء الامصار في مدة الخيار ، وهي هل يجوز مطلقا أو مقيدا ؟ وإن
جاز مقيدا فكم مقداره ؟ وإن لم يجز مطلقا فهل من شرط ذلك أن لا يقع الخيار
في الثلاث أم لا يجوز بحال ؟ وإن وقع في الثلاث ؟ .
فأما أدلتهم فإن عمدة من لم يجز الخيار هو ما قلناه .
وأما عمدة من لم يجز الخيار إلا ثلاثا فهو أن الاصل هو أن لا يجوز الخيار فلا يجوز منه
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 169