اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 160
عند الرد ، وقول بإثبات الصرف ووجوب البدل ، وقول بالفرق بين القليل والكثير ، وقول بالتخيير بين بدل الزائف أيكون شريكا له .
وسبب الخلاف في هذا كله : هل الغلبة على التأخير في الصرف مؤثرة فيه
أو غير مؤثرة ؟ وإن كانت مؤثرة فهل هي مؤثرة في القليل أو في الكثير ؟
وأما وجود النقصان فإن المذهب اضطرب فيه ، فمرة قال فيه إنه إن رضي
بالنقصان جاز الصرف ، وإن طلب البدل انتقض الصرف قياسا على الزيوف ، ومرة
قال : يبطل الصرف وإن رضي به ، وهو ضعيف .
واختلفوا أيضا إذا قبض بعض الصرف وتأخر بعضه ، أعني الصرف المنعقد
على التناجز ، فقيل يبطل الصرف كله ، وبه قال الشافعي ، وقيل يبطل منه
المتأخر فقط ، وبه قال أبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف ، والقولان في المذهب .
ومبنى الخلاف : في الصفقة الواحدة يخالطها حرام وحلال هل تبطل
الصفقة كلها ، أو الحرام منها فقط ؟ المسألة الخامسة : أجمع العلماء على أن
المراطلة جائزة في الذهب بالذهب وفي الفضة بالفضة ، وإن اختلف العدد
لاتفاق الوزن ، وذلك إذا كانت صفة الذهبين واحدة .
واختلفوا في المراطلة في الموضعين : أحدهما : أن تختلف صفة الذهبين .
والثاني : أن ينقص أحد الذهبين عن الآخر .
فيريه الآخر أن يزيد بذلك عرضا أو دراهم إن كانت المراطلة بذهب ، أو
ذهبا إن كانت المراطلة بدراهم ، فذهب مالك : أما في الموضع الاول ، وهو أن
يختلف جنس المراطل بهما في الجودة والرداءة أنه متى راطل بأحدهما بصنف من
الذهب الواحد وأخرج الآخر ذهبين ، أحدهما أجود من ذلك الصنف الواحد والآخر
أردأ ، فإن ذلك عنده لا يجوز ، وإن كان الصنف الواحد من الذهبين ، أعني
الذي أخرجه وحده أجود من الذهبين المختلفين اللذين أخرجهما الآخر أو أردأ
منهما معا ، أو مثل أحدهما وأجود من الثاني جازت المراطلة عنده .
وقال الشافعي : إذا اختلف الذهبان فلا يجوز ذلك .
وقال أبو حنيفة وجميع الكوفيين والبصريين : يجوز جميع ذلك .
وعمدة مذهب مالك في منعه ذلك الاتهام ، وهو مصير إلى القول بسد
الذرائع ، وذلك أنه يتهم أن يكون المراطل إنما قصد بذلك بيع الذهبين
متفاضلا ، فكأنه أعطى جزءا من الوسط بأكثر منه من الاردأ ، أو بأقل منه من
الاعلى ، فيتذرع من ذلك إلى بيع الذهب بالذهب متفاضلا ، مثال ذلك أن إنسانا
قال لآخر : خذ مني خمسة وعشرين مثقالا وسطا بعشرين من الاعلى ، فقال : لا
يجوز هذا لنا ، ولكن أعطيك عشرين من الاعلى وعشرة أدنى من ذهبك ، وتعطيني
أنت ثلاثين من الوسط ، فتكون العشرة الادنى يقابلها خمسة من ذهبك ، ويقابل
العشرين من ذهب الوسط العشرين من ذهبك الاعلى .
وعمدة الشافعي اعتبار التفاضل الموجود في القيمة .
وعمدة أبي حنفية اعتبار وجود الوزن من الذهبين ورد القول بسد
الذرائع ، وكمثل اختلافهم في المصارفة التي تكون بالمراطلة اختلفوا في هذا
الموضعفي المصارفة التي تكون بالعدد ، أعني إذا اختلفت جودة الذهبين أو الا
ذهاب .
وأما اختلافهم
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 160