اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 151
الآدميين جائحة بأي وجه كان ، فمن جعلها في الامور السماوية فقط
اعتمد ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام أرأيت إن منع الله الثمرة ؟ ومن جعلها
في أفعال الآدميين شبهها بالامور السماوية ، ومن استثني اللص قال : يمكن
أن يتحفظ منه .
الفصل الثاني في محل الجوائح من المبيعات
ومحل الجوائح هي الثمار والبقول .
فأما الثمار فلا خلاف فيها في المذهب ، وأما البقول ففيها خلاف ، والاشهر فيها الجائحة .
وإنما اختلفوا في البقول لاختلافهم في تشبيهها بالاصل الذي هو الثمر .
الفصل الثالث : في مقدار ما يوضع منه فيه
وأما المقدار الذي تجب فيه الجائحة ، أما في الثمار فالثلث ، وأما في البقول فقيل في القليل والكثير وقيل في الثلث .
وابن القاسم يعتبر ثلث الثمر بالكيل وأشهب يعتبر الثلث في القيمة .
فإذا ذهب من الثمر عند أشهب ما قيمته الثلث من الكيل وضع عنه الثلث من الثمن .
وسواء كان ثلثا في الكيل أو لم يكن .
وأما ابن القاسم فإنه إذا ذهب من الثمر الثلث من الكيل ، فإن كان
نوعا واحدا ليس تختلف قيمة بطونه حط عنه من الثمن الثلث ،وإن كان الثمر
أنواعا كثيرة مختلفة القيم ، أو كان بطونا مختلفة القيم أيضا اعتبر قيمة
ذلك الثلث الذاهب من قيمة الجميع ، فما كان قدره حط بذلك القدر من الثمن ،
ففي موضع يعتبر المكيلة فقط ، حيث تستوي القيمة في أجزاء الثمرة وبطونها ،
وفي موضع يعتبر الامرين جميعا حيث تختلف القيمة ، والمالكية يحتجون في
مصيرهم إلى التقدير في وضع الحوائج - وإن كان الحديث الوارد فيها مطلقا -
بأن القليل في هذا معلوم من حكم العادة أنه يخالف الكثير إذ كان معلوما أن
القليل يذهب من كل ثمر ، فكأن المشتري دخل على هذا الشرط بالعادة وإن لم
يدخل بالنطق ، وأيضا فإن الجائحة التي علق الحكم بها تقتضي الفرق بين
القليل والكثير .
قالوا : وإذا وجب الفرق وجب أن يعتبر فيه ، إذ قد اعتبره الشرع في
مواضع كثيرة ، وأن كان المذهب يضطرب في هذا الاصل ، فمرة يجعل الثلث من حيز
الكثير كجعله إياه ههنا ، ومرة يجعله في حيز القليل .
ولم يضطرب في أنه الفرق بين القليل والكثير ، والمقدرات يعسر
إثباتها بالقياس عند جمهور الفقهاء ، ولذلك قال الشافعي : لو قلت بالجائحة
لقلت فيها بالقليل والكثير ، وكون الثلث فرقا بين القليل والكثير هو نص في
الوصية في قوله عليه الصلاة والسلام : الثلث ، والثلث كثير .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 151