اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 152
الفصل الرابع : في الوقت الذي توضع فيه
أما زمان القضاء بالجائحة ، فاتفق المذهب على وجوبها في الزمان الذي يحتاج فيه إلى تبقية الثمر على رؤوس الشجر حيث يستوفى طيبه .
واختلفوا إذا أبقاه المشتري في الثمار ليبيعه على النضارة وشيئا
شيئا ، فقيل فيه الجائحة تشبيها بالزمان المتفق عليه ، وقيل ليس فيه جائحة
تفريقا بينه وبين الزمان المتفق على وجوب القضاء بالجائحة فيه ، وذلك أن
هذا الزمان يشبه المتفق عليه من جهة ويخالفه من جهة ، فمن غلب الاتفاق أوجب
فيه الجائحة ، ومن غلب الاختلاف لم يوجب فيه جائحة ، أعني من رأى أن
النضارة مطلوبة بالشراء كما الطيب مطلوب قال بوجوب الجائحة فيه ، ومن لم ير
الامر فيهما واحدا قال : ليس فيه الجائحة ، ومن ههنا اختلفوا في وجوب
الجوائح في البقول .
الجملة الثالثة من جمل النظر في الاحكام وهو في تابعات المبيعات .
ومن مسائل هذا الباب المشهورة اثنتان : الاولى : بيع النخيل وفيها
الثمر متى يتبع بيع الاصل ومتى لا يتبعه ؟ فجمهور الفقهاء على أن من باع
نخلا فيها ثمر قبل أن يؤبر فإن الثمر للمشتري ، وإذا كان البيع بعد الابار
فالثمر للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ، والثمار كلها في هذا المعنى في معنى
النخيل ، وهذا كله لثبوت حديث ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال من باع نخلا
قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع قالوا : فلما حكم ( ص )
بالثمن للبائع بعد الابار علمنا بدليل الخطاب أنها للمشتري قبل الابار بلا
شرط ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : هي للبائع قبل الابار وبعده ، ولم يجعل
المفهوم ههنا من باب دليل الخطاب بل من باب مفهوم الاحرى والاولى ، قالوا :
وذلك أنه إذا وجبت للبائع بعد الابار فهي أحرى أن تجب له قبل الابار .
وشبهوا خروج الثمر بالولادة وكما أن من باع أمة لها ولد فولدها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع كذلك الامر في الثمن .
وقال ابن أبي ليلى : سواء أبر أو لم يؤبر إذا بيع الاصل فهو للمشتري
اشترطها أو لم يشترطها ، فرد الحديث بالقياس ، لانه رأى أن الثمر جزء من
المبيع ، ولا معنى لهذا القول إلا إن كان لم يثبت عنده الحديث .
وأما أبو حنيفة فلم يرد الحديث ، وإنما خالف مفهوم الدليل فيه .
فإذا سبب الخلاف : في هذه المسألة بين أبي حنيفة والشافعي ومالك ومن قال بقولهم معارضة دليل الخطاب لدليل مفهوم الاحرى والاولى .
وهو الذي يسمى فحوى الخطاب لكنه ههنا ضعيف ، وإن كان في الاصل أقوى من دليل الخطاب .
وأما سبب مخالفة ابن أبي ليلى فمعارضة القياس للسماع ، وهو كما قلنا ضعيف .
والابار عند العلماء أن يجعل طلع ذكور النخل في طلع إناثها ، وفي
سائر الشجر أن تنور وتعقد ، والتذكير في شجر التين التي تذكر في معنى
الابار ، وإبار الزرع مختلف فيه في المذهب ، فروى ابن القاسم عن مالك أن
إباره أن يفرك قياسا على سائر الثمر ، وهل الموجب لهذا الحكم هو الابار أو
وقت الابار ؟ قيل الوقت ، وقيل الابار
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 152