اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 150
فوجب أن يكون في ضمانه مخالفا لسائر المبيعات .
وأما عمدة من لم يقل بالقضاء بها فتشبيه هذا البيع بسائر المبيعات وأن التخلية في هذا المبيع هو القبض .
وقد اتفقوا على أن ضمان المبيعات بعد القبض من المشتري ، ومن طريق
السماع أيضا حديث أبي سعيد الخدري قال أجيح رجل في ثمار ابتاعها وكثر دينه ،
فقال رسول الله ( ص ) : تصدقوا عليه ، فتصدق عليه فلم يبلغ وفاء دينه .
فقال رسول الله ( ص ) : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك قالوا : فلم يحكم بالجائحة .
فسبب الخلاف : في هذه المسألة هو تعارض الآثار فيها وتعارض مقاييس
الشبه ، وقد رام كل واحد من الفريقين صرف الحديث المعارض للحديث الذي هو
الاصل عنده بالتأويل ، فقال من منع الجائحة : يشبه أن يكون الامر بها إنما
ورد من قبل النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، قالوا : ويشهد لذلك أنه
لما كثر شكواهم بالجوائح أمروا أن لا يبيعوا الثمر إلا بعد أن يبدو صلاحه ،
وذلك في حديث زيد بن ثابت المشهور ، وقال من أجازها في حديث أبي سعيد :
يمكن أن يكون البائع عديما فلم يقض عليه بجائحة أو أن يكون المقدار الذي
أصيب من الثمر مقدارا لا يلزم فيه جائحة ، أو أن يكون أصيب في غير الوقت
الذي تجب فيه الجائحة ، مثل أن يصاب بعد الجذاذ أو بعد الطيب .
وأما الشافعي فروى حديث جابر عن سليمان بن عتيق عن جابر ، وكان
يضعفه ويقول : إنه اضطرب في ذكر وضع الجوائح فيه ولكنه قال : إن ثبت الحديث
وجب وضعها في القليل والكثير ، ولا خلاف بينهم في القضاء بالجائحة بالعطش ،
وقد جعل القائلون بها اتفاقهم في هذا حجة على إثباتها .
والكلام في أصول الجوائح على مذهب مالك ينحصر في أربعة فصول : الاول : في معرفة الاسباب الفاعلة للجوائح .
والثاني : في محل الجوائح من المبيعات .
الثالث : في مقدار ما يوضع منه فيه .
الرابع : في الوقت الذي توضع فيه .
الفصل الاول : في معرفة الاسباب الفاعلة للجوائح
وأما ما أصاب الثمرة من السماء مثل البرد والقحط وضده والعفن ، فلا خلاف في المذهب أنه جائحة .
وأما العطش - كما قلنا - فلا خلاف بين الجميع أنه جائحة .
وأما ما أصاب من صنع الآدميين فبعض من أصحاب مالك رآه جائحة ، وبعض ليره جائحة .
والذين رأوه جائحة انقسموا قسمين : فبعضهم رأى منه جائحة ما كان
غالبا كالجيش ولم ير ما كان منه بمغافصة جائحة مثل السرقة ، وبعضهم جعل كل
ما يصيب الثمرة من جهة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 150