اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 149
المشتري إلا بعد القبض .
وأما مالك فله في ذلك تفصيل ، وذلك أن المبيعات عنده في هذا الباب
ثلاثة أقسام : بيع يجب على البائع فيه حق توفية من وزن أو كيل أو عدد .
وبيع ليس فيه حق توفية .
وهو الجزاف أو ما لا يوزن ولا يكال ولا يعد .
فأما ما كان فيه حق توفية فلا يضمن المشتري إلا بعد القبض .
وأما ما ليس فيه حق توفية وهو حاضر فلا خلاف في المذهب أن ضمانه من المشتري وإن لم يقبضه .
وأما المبيع ، فعن مالك في ذلك ثلاث روايات : أشهرها : أن الضمان من البائع إلا أن يشترطه على المبتاع .
والثانية : أنه من المبتاع إلا أن يشترطه على البائع .
والثالثة : الفرق بين ما ليس بمأمون البقاء إلى وقت الاقتضاء كالحيوان والمأكولات ، وبين ما هو مضمون البقاء .
والخلاف في هذه المسألة : مبني على هل القبض شرط من شروط العقد ، أو
حكم من أحكام العقد ، والعقد لازم دون القبض ؟ فمن قال القبض من شروط صحة
العقد أو لزومه أو كيفما شئت أن تعبر في هذا المعنى كان الضمان عنده من
البائع حتيقبضه المشتري ، ومن قال هو حكم لازم من أحكام المبيع والبيع ،
وقد انعقد ولزم قال : العقد يدخل في ضمان المشتري .
وتفريق مالك بين الغائب والحاضر ، والذي فيه حق توفية والذي ليس فيه
حق توفية استحسان ، ومعنى الاستحسان في أكثر الاحوال هو الالتفات إلى
المصلحة والعدل .
وذهب أهل الظاهر إلى أن بالعقد يدخل في ضمان المشتري فيما أحسب ،
وعمدة من رأى ذلك اتفاقهم على أن الخراج قبل القبض للمشتري ، وقد قال عليه
الصلاة والسلام الخراج بالضمان وعمدة المخالف حديث عتاب بن أسيد أن رسول
الله ( ص ) لما بعثه إلى مكة قال له انههم عن بيع ما لم يقبضو وربح ما لم
يضمنوا وقد تكلمنا في شرط القبض في المبيع فيما سلف ، ولا خلاف بين
المسلمين أنه من ضمان المشتري بعد القبض إلا في العهدة والجوائح .
وإذ قد ذكرنا العهدة فينبغي أن نذكر ههنا الجوائح .
القول في الجوائح اختلف العلماء في وضع الجوائح في الثمار .
فقال بالقضاء بها مالك وأصحابه .
ومنعها أبو حنيفة والثور والشافعي - في قوله الجديد - والليث .
فعمدة من قال بوضعها حديث جابر أن رسول الله ( ص ) قال من باع ثمرا فأصابته جائحة فلا يأخذ من أخيه شيئا .
على ماذا يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ خرجه مسلم عن جابر .
وما روي عنه أنه قال أمر رسول الله ( ص ) بوضع الجوائح .
فعمدة من أجاز الجوائح حديثا جابر هذان ، وقياس الشبه أيضا .
وذلك أنهم قالوا : إنه مبيع بقي على البائع فيه حق توفية ، بدليل ما
عليه من سقيه إلى أن يكمل ، فوجب أن يكون ضمانه منه أصله سائر المبيعات
التي بقي لها حق توفية ، والفرق عندهم بين هذا المبيع وبين سائر البيوع أن
هذا بيع وقع في الشرع والمبيع لم يكمل بعد .
فكأنه مستثنى من النهي عن بيع ما لم يخلق ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 149