اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 183
فوق الثياب ، وقال قوم : ييمم كل واحد منهما صاحبه وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وجمهور العلماء .
وقال قوم : لا يغسل واحد منهما صاحبه ، ولا ييممه ، وبه قال الليث بن سعد ، بل يدفن من غير غسل .
وسبب اختلافهم : هو الترجيح بين تغليب النهي على الامر ، أو الامر
على النهي ، وذلك أن الغسل مأمور به ، ونظر الرجل إلى بدن المرأة ، والمرأة
إلى بدن الرجل منهي عنه فمن غلب النهي تغليبا مطلقا ، أعني لم يقس الميت
على الحي في كون الطهارة التراب له بدلا من طهارة الماء عند تعذرها ، قال :
لا يغسل كل واحد منهما صاحبه ، ولا ييممه .
ومن غلب الامر على النهي قال : يغسل كل واحد منهما صاحبه : أعني غلب
الامر على النهي تغليبا مطلقا ، ومن ذهب إلى التيمم ، فلانه رأى أنه لا
يلحق الامر ، والنهي في ذلك تعارض ، وذلك أن النظر إلى مواضع التيمم يجوز
لكلا الصنفين ، ولذلك رأى مالك أن ييمم الرجل المرأة في يديها ووجهها فقط ،
لكون ذلك منها ليسا بعورة ، وأن تيمم المرأة الرجل إلى المرفقين ، لانه
ليس من الرجل عورة إلا من السرة الى المساله فمرة قال : ييمم كل واحد منهما
صاحبه قولا مطلقا ، ومرة فرق في ذلك بين ذوي المحارم وغيرهم ، ومرة فرق في
ذوي المحارم بين الرجال والنساء ، فيتحصل عن أن له في ذوي المحارم ثلاثة
أقوال : أشهرها أنه يغسل كل واحد منهما صاحبه على الثياب ، والثاني أنه لا
يغسل أحدهما صاحبه ، ولكن ييممه مثل قول الجمهور في غير ذوي المحارم .
والثالث الفرق بين الرجال والنساء : أعني تغسل المرأة الرجل ، ولا يغسل الرجل المرأة .
فسبب المنع أن كل واحد منهما لا يحل له أن ينظر إلى موضع الغسل من
صاحبه كالاجانب سواء ، وسبب الاباحة أنه موضع ضرورة ، وهم أعذر في ذلك من
الاجنبي .
وسبب الفرق أن نظر الرجال إلى النساء أغلظ من نظر النساء إلى الرجال
بدليل أن النساء حجبن عن نظر الرجال إليهن ، ولم يحجب الرجال عن النساء .
وأجمعوا من هذا الباب على جواز غسل المرأة زوجها ، واختلفوا في جواز
غسله إياها ، فالجمهور على جواز ذلك وقال أبو حنيفة : لا يجوز غسل الرجل
زوجته .
وسبب اختلافهم : هو تشبيه الموت بالطلاق ، فمن شبهه بالطلاق قال :
لا يحل أن ينظر إليها بعد الموت ، ومن لم يشبههبالطلاق ، وهم الجمهور قال :
إن ما يحل له من النظر إليها قبل الموت .
يحل له بعد الموت .
وإنما دعا أبا حنيفة أن يشبه المو ت بالطلاق ، لانه رأى أنه إذا ماتت إحدى الاختين ، حل له نكاح الاخرى كالحال فيها إذ طلقت .
وهذا فيه بعد ، فإن علة منع الجمع مرتفعة بين الحي والميت ، لذلك حلت ، إلا أن يقال إن علة منع الجمع غير معقولة ، وأن منع الجمع
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 183