responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 138

واختلفوا في الجمع في غير هذين المكانين ، فأجازه الجمهور على اختلاف بينهم في المواضع التي يجوز فيها من التي لا يجوز ، ومنع أبو حنيفة ، وأصحابه بإطلاق .

وسبب اختلافهم : أولا : اختلافهم في تأويل الاثار التي رويت في الجمع والاستدلال منها على جواز الجمع لانها كلها أفعال ، وليست أقوالا ، والافعال يتطرق إليها الاحتمال كثيرا أكثر من تطرقه إلى اللفظ ، وثانيا : اختلافهم أيضا في تصحيح بعضها ، وثالثا : اختلافهم أيضا في إجازة القياس في ذلك فهي ثلاثة أسباب كما ترى .

أما الاثار التي اختلفوا في تأويلها ، فمنها حديث أنس الثابت باتفاق أخرجه البخاري ومسلم قال : كان رسول الله ( ص ) إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ، ثم نزل ، فجمع بينهما ، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب ومنها حديث ابن عمر أخرجه الشيخان أيضا قال : رأيت رسول الله ( ص ) إذا عجل به السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء والحديث الثالث حديث ابن عباس خرجه مالك ومسلم قال : صلى رسول الله ( ص ) الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ، ولا سفر فذهب القائلون بجواز الجمع في تأويل هذه الاحاديث إلى أنه أخر الظهر إلى وقت العصر المختص بها ، وجمع بينهما ، وذهب الكوفيون إلى أنه إنما أوقع صلاة الظهر في آخر وقتها ، وصلاة العصر في أول وقتها على ما جاء في حديث إمامة جبريل .

قالوا : وعلى هذا يصح حمل حديث ابن عباس ، لانه قد انعقد الاجماع أنه لا يجوز هذا في الحضر لغير عذر أعني : أن تصلى الصلاتان معا في وقت إحداهما ، واحتجوا لتأويلهم أيضا بحديث ابن مسعود قال : والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله ( ص ) صلاة قط إلا في وقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وبين المغرب والعشاء بجمع قالوا : وأيضا فهذه الاثار محتملة أن تكون على ما تأولناه نحن ، أو تأولتموه أنتم ، وقد صح توقيت الصلاة وتبيانها في الاوقات ، فلا يجوز أن تنتقل عن أصل ثابت بأمر محتمل .

أما الاثر الذي اختلفوا في تصحيحه ، فما رواه مالك من حديث معاذ بن جبل : أنهم خرجوامع رسول الله ( ص ) عام تبوك ، فكان رسول الله ( ص ) يجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، قال : فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا .

وهذا الحديث لو صح ، لكان أظهر من تلك الاحاديث في إجازة الجمع لان ظاهره أنه قدم العشاء إلى وقت المغرب ، وإن كان لهم أن يقولوا : إنه أخر المغرب إلى آخر وقتها ، وصلى العشاء في أول وقتها ، لانه ليس في الحديث أمر مقطوع به على ذلك ، بل لفظ الراوي محتمل .

وأما اختلافهم في إجازة القياس في ذلك : فهو أن يلحق سائر الصلوات في السفر بصلاة عرفة ، والمزدلفة ، أعني أن يجاز الجمع قياسا على تلك ، فيقال مثلا : صلاة وجبت في سفر ، فجاز أن تجمع ، أصله جمع الناس بعرفة ،

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست