اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 139
والمزدلفة ، وهو مذهب سالم بن عبد الله : أعني جواز هذا القياس ، لكن القياس في العبادات يضعف .
فهذه هي أسباب الخلاف الواقع في جواز الجمع .
وأما المسألة الثانية : وهي صورة الجمع ، فاختلف فيه أيضا القائلون بالجمع أعني في السفر .
فمنهم من رأى أن الاختيار أن تؤخر الصلاة الاولى وتصلى مع الثانية ،
وإن جمعتا معا في أول وقت الاولى جاز ، وهي إحدى الروايتين عن مالك ،
ومنهم من سوى بين الامرين : أعني أن يقدم الاخرة إلى وقت الاولى ، أو يعكس
الامر ، وهو مذهب الشافعي وهي رواية أهل المدينة عن مالك ، والاولى رواية
ابن القاسم عنه ، وإنما كان الاختيار عند مالك هذا النوع من الجمع ، لانه
الثابت من حديث أنس ، ومن سوى بينهما فمصيرا إلى أنه لا يرجح بالعدالة :
أعني أنه لا تفضل عدالة عدالة في وجوب العمل بها ، ومعنى هذا أنه إذا صح
حديث معاذ ، وجب العمل به كما وجب بحديث أنس إذ كان رواة الحديثين عدولا ،
وإن كان رواة أحد الحديثين أعدل .
وأما المسألة الثالثة : وهي الاسباب المبيحة للجمع ، فاتفق القائلون
بجواز الجمع على أن السفر منها ، واختلفوا في الجمع في الحضر ، وفي شروط
السفر المبيح له ، وذلكأن السفر منهم من جعله سببا مبيحا للجمع أي سفر كان ،
وبأي صفة كان ومنهم من اشترط فيه ضربا من السير ونوعا من أنواع السفر .
فأما الذي اشترط فيه ضربا من السير ، فهو مالك في رواية ابن القاسم
عنه ، وذلك أنه قال : لا يجمع المسافر إلا أن يجد به السير ومنهم من لم
يشترط ذلك ، وهو الشافعي وهي إحدى الروايتين عن مالك .
ومن ذهب هذا المذهب ، فإنما راعى قول ابن عمر : كان رسول الله ( ص ) إذا عجل به السير راعى ظاهر حديث أنس وغيره .
وكذلك اختلفوا كما قلنا في نوع السفر الذي يجوز فيه الجمع .
فمنهم من قال : هو سفر القربة كالحج والغزو ، وهو ظاهر رواية ابن القاسم .
ومنهم من قال : هو السفر المباح دون سفر المعصية ، وهو قول الشافعي وظاهر رواية المدنيين عن مالك .
والسبب في اختلافهم في هذا : هو السبب في اختلافهم في السفر الذي
تقصر فيه الصلاة ، وإن كان هنالك التعميم ، لان القصر نقل قولا وفعلا ،
والجمع إنما نقل فعلا فقط ، فمن اقتصر به على نوع السفر الذي جمع فيه رسول
الله ( ص ) لم يجزه في غيره ، ومن فهم منه الرخصة للمسافر عداه إلى غيره من
الاسفار .
وأما الجمع في الحضر لغير عذر ، فإن مالكا ، وأكثر الفقهاء لا يجيزونه وأجاز ذلك جماعة من أهل الظاهر ، وأشهب من أصحاب مالك .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في مفهوم حديث ابن عباس ، فمنهم من تأوله على أنه كان في مطر كما قال مالك .
ومنهم من أخذ بعمومه مطلقا .
وقد خرج مسلم زيادة في حديثه ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في غير خوف ، ولا سفر ، ولا مطر وبهذا تمسك أهل الظاهر .
وأما الجمع في الحضر
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 139