responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 136

عائشة ، وقالوا : إن النبي ( ص ) إنما قصر لانه كان خائفا .

الذين اعتبروا المشقة فسببه اختلاف الصحابة في ذلك ، وذلك أن مذهب الاربعة برد روي عن ابن عمر ، وابن عباس ورواه مالك ، ومذهب الثلاثة أيام مروي أيضا عن ابن مسعود ، وعثمان وغيرهما .

وأما الموضع الثالث ، وهو اختلافهم في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة ، فرأى بعضهم أن ذلك مقصور على السفر المتقرب به كالحج والعمرة والجهاد ، وممن قال بهذا القول أحمد ومنهم من أجازه في السفر المباح دون سفر المعصية ، وبهذا القول قال مالك والشافعي ومنهم من أجازه في كل سفر قربة كان أو مباحا ، أو معصية ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه والثوري وأبو ثور .

والسبب في اختلافهم : معارضة المعنى المعقول ، أو ظاهر اللفظ لدليل الفعل وذلك أن من اعتبر المشقة ، أو ظاهر لفظ السفر لم يفرق بين سفر ، وسفر .

وأما من اعتبر دليل الفعل قال : إنه لا يجوز إلا في السفر المتقرب به ، لان النبي عليه الصلاة والسلام لم يقصر قط إلا فسفر متقرب به .

وأما من فرق بين المباح ، والمعصية فعلى جهة التغليظ ، والاصل فيه هل تجوز الرخصة للعصاة أم لا ؟ وهذه مسألة عارض فيها اللفظ المعنى ، فاختلف الناس فيها لذلك .

وأما الموضع الرابع وهو اختلافهم في الموضع الذي منه يبدأ المسافر بقصر الصلاة فإن مالكا قال في الموطأ : لا يقصر الصلاة الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية ولا يتم حتى يدخل أول بيوتها وقد روي عنه أنه لا يقصر إذا كانت قرية جامعة حتى يكون منها بنحو ثلاثة أميال ، وذلك عنده أقصى ما تجب في الجمعة على من كان خارج المصر في إحدى الروايتينعنه .

وبالقول الاول قال الجمهو .

والسبب في هذا الاختلاف : معارضة مفهوم الاسم لدليل الفعل ، وذلك أنه إذا شرع في السفر ، فقد انطلق عليه اسم مسافر ، فمن راعى مفهوم الاسم قال : إذا خرج من بيوت القرية قصر .

ومن راعى دليل الفعل : أعني فعله عليه الصلاة والسلام قال : لا يقصر إلا إذا خرج من بيوت القرية بثلاثة أميال ، لما صح من حديث أنس قال : كان النبي ( ص ) إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال ، أو ثلاثة فراسخ - شعبة الشاك - صلى ركعتين .

الذي يجوز للمسافر إذا أقام فيه في بلد أن يقصر فاختلاف كثير حكى فيه أبو عمر نحوا من أحد عشر قولا .

إلا أن الاشهر منها هو ما عليه فقهاء الامصار ، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : مذهب مالك والشافعي أنه إذا أزمع المسافر على إقامة أربعة أيام أتم ، والثاني : مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري أنه إذا أزمع على إقامة خمسة عشر يوما أتم ، والثالث : مذهب أحمد وداود أنه إذا أزمع على أكثر من أربعة أيام أتم .

وسبب الخلاف : أنه أمر مسكوت عنه في الشرع ، والقياس على التحديد ضعيف عند الجميع ، ولذلك رام هؤلاء كلهم أن يستدلوا لمذهبهم من الاحوال

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست