فإن قيل : ولم قلتم إنه لو بقي هارون بعد موسى لكانت خلافته ثابتة
من موسى ؟ فالجواب : لأنه إذا ثبتت هذه المنزلة في حال الحياة فلا يجوز أن
يزول عنها بعد الوفاة : لأنها منزلة جليلة لا يجوز أن يحط عنها من ثبتت له ،
لأن ذلك يقتضي غاية التنفير .
وبعد ، فإن النبي صلى الله عليه وآله جعل هذه المنازل لأمير
المؤمنين عليه السلام بعده ، بدلالة قوله ( إلا أنه لا نبي بعدي ) ، فإذن
ثبتت هذهالمنازل لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وفي ثبوتها له ثبوت فرض
طاعته كفرض طاعة رسول الله ( ص ) .
فإن قيل : قوله عليه السلام ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) يقتضي
ثبوت منزلة واحدة ، إذ لو أراد أكثر من منزلة واحدة لقال بمنازل هارون ،
فلا يصح حمله على العموم ، بل يختص بالمنزلة الواحدة .
فالجواب : هذا باطل من وجهين : أحدهما - أنه عليه السلام لو أراد
منزلة واحدة لما حسن أن يستثني منها ، لأنه لا يصح أن يستثنى من منزلة
واحدة ، فحسن الاستثناء منها دليل واضح ظاهر على أنه عليه السلام أراد أكثر
من منزلة واحدة .
وكل من قال أراد أكثر من منزلة واحدة قال أراد جميع المنازل إلا ما استثناه [ لفظا ] وعرفا .
والوجه الثاني - أن الأمة بين قائلين : قائل يقول إن الخبر خرج على سبب ، وهو مقصور على سببه الذي خرج عليه .