بان يكون عقله متوجها الى نيل ما جاء به الانبياء و تعليمه , لكى لا يتطرقه الهوى
, اذ لا طريق للرأى فى الدين , و من نظر برأيه هلك , و من ترك كتاب الله تعالى
و قول نبيه كفر , و من كان مفزعه فى المعضلات نفسه لا غيرها ضل , و من اتكأ فى
المبهمات على رأيه فكانما جعله امام نفسه 0
و ان تكون شهوته عادلة , لا يحكم حبا لامر خاص او شخص معين , او طمعا فى مال
او جاه او مقام , و غير ذلك مما يرجع الى مشتهيات النفس الباطلة .
و ان يكون غضبه معتدلا لا يحكم بغضا لامر , و لا اعتداء على شخص , او خوفا من
تهديد , او ارعابا من تخويف , و غير ذلك مما يعود الى شعب الغضب و البغض و
امثالهما .
فمن اعتدل فى عقله بتعليم الوحى الالهى و الايمان به , و اعتدل فى شهوته و غضبه
بان كان حبه و بغضه لله تعالى , فهو الصالح للقضاء بين الناس بالحق .
و لقد اعتنى القرآن الكريم فى تهذيب النفس سيما حال القضاء بتعديل القوى
الثلاث المذكورة , نستعرض ما جاء فيه فيما يلى :
الاول : ما يدل على تعديل العقل , بلزوم تعلم الوحى و التعمق فيما جاء به
الانبياء عليهم السلام , و ان من لم يحكم بما انزل الله فهو كافر , و قد سبق
تفصيله فى الفصل الثانى فلا نعيده .
الثانى : ما يدل على تعديل الحب , كما فى قوله تعالى :
( يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط , شهداء لله و لو على انفسكم او
الوالدين و الاقربين)
. [1]