ان معيار القضاء هو الميزان الذى انزله الله بالوحى و وضعه للناس ليقوموا
بالقسط و العدل فيما بينهم .
الفصل الثالث
ادب القاضى
قد تبين ان القضاء ضرورى لحفظ المجتمع الانسانى و ان ميزانه هو الوحى لا غير , و
فى هذا الفصل نريد ان نتحدث عن تحققه الخارجى و كيف يمكن ان يوجد بالشكل
المطلوب الذى يتمكن ان يطبق العدل الالهى المستمد من الوحى السماوى :
يمكن نشر العدل فى المجتمع الانسانى بقاض عالم بالميزان الالهى للقضاء و مؤمن
به عامل بمقتضاه , و لو لم يكن العلم و الايمان و العمل لم يبق للميزان وحده اثر
هام , لانه يكون كالسراج فى يد الاعمى لا ينتفع هو به و لا ينفع غيره , و هو غير
مأمون من العثرة و عندها ينكسر السراج او ينطفى , فلا محيص من كون القاضى
المباشر للقضاء عالما عادلا .
و الانسان تحكم عليه ثلاث قوى هامة تتبع منها سعادته او شقاوته , هذه الثلاث
هى :
عقله الذى به يدرك الأمور . و شهوته التى بها يجذب الأشياء و يريدها لنفسه .
و غضبه الذى به يدفع عنه ما يكرهه .
و لابد من العلم و العدل فى هذه القوى الثلاث , حتى لا يجور القاضى فى الحكم و لا
يتعدى عن طريق الحق , و ذلك :