الطواف حولها و الصلوة اليها و سائر ما يعتبر فيه الاستقبال هو الموجب لقعود
الناس و عجزهم عن دفع الاهواء و الاعداء
( ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حى عن بينة)
[1] .
فتحصل ان الكعبة للدين الالهى بمنزلة عظم الظهر و فقراته للانسان فاذا قامت و
قويت و سلمت فقد امكن القيام و المشى و المقاومة و السرعة الى المغفرة و
السبقة الى الخير و ما الى ذلك مما يتوقف على القيام المعتمد على عظم الظهر و
سلامة فقراته و اذا عجزت و ضعفت و وهنت فقد تعذر القيام و امتنع الاستقامة و
استحال السرعة و السبقة و نحو ذلك مما يتوقف على القيام و ذلك لكسر فقار
الظهر و انثلام عماده و صيرورته فقيرا , اى المنكسر فقار ظهره بعد ان امكن ان
يصير غنيا عن الغير و قائما بنفسه اعتمادا على من هو عماد من لا عماد له و
محتزرا بحرز من هو حرز لمن لا حرز له هو الله القائم على كل نفس بما كسبت الذى
هو بكل شى ء محيط و حفيظ و عند هجر بيت الله ينقطع الربط و بانفصامه لا يمكن
القيام بالقسط و المقاومة مع القسط ( بالفتح ) فحينئذ يحرم و يمنع خير الدنيا و
الاخرة لان الكعبة عامل قيام الناس لدينهم و معاشهم حسب ما افاده مولينا الصادق
عليه السلام [2] .
فلذا قال رسول الله صلى الله عليه و آله( من اراد دنيا و آخرة فليؤم هذا
البيت) [3] اى من اراد ان ينال فى الدنيا حسنة و فى الاخرة حسنة حيث يقول
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة و فى الاخرة حسنة و هكذا يناجى ربه( و يقول ربنا
آتنا من لدنك رحمة و هيى ء لنا من امرنا رشدا) .