عنه تعالى بين ان يكون هو جلب النفع الى نفسه او ايصال الخير الى الغير اذ لو
كان ايصال ذلك الخير الى الغير غرضا له و غاية لذاته يلزم ان يكون ذاته تعالى
بدون ذلك الايصال ناقصا و معه يصير كاملا و هو محال بل هو تعالى جواد محض يهب
ما ينبغى كما ينبغى لا لعوض و لا غرض و ان كان فعله تعالى متن الحكمة و ينبوع
الخير و معدن البركة .
فمن هنا يتبين الجمع بين قوله تعالى . . . ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون .
و قوله تعالى :
( ان تكفروا انتم و من فى الارض جميعا فان الله لغنى حميد) [1] 0
لان معنى الكريمة الاولى هو بيان غاية الخلق اى الهدف السامى للمخلوق و الكمال
النهائى له هو ان يصير عبدا له تعالى كما قال مولى الموحدين على بن ابيطالب
عليه السلام( الهى كفى بى فخرا ان اكون لك عبدا) و معنى الكريمة الثانية هو
بيان ان الله تعالى لم يكن محتاجا الى ان يصير معبودا بحيث لو لم يعبد لبقى
على نقصه و حاجته فاذا صار معبودا ارتفع نقصه و سد حاجته سبحان الغنى المحض عن
الفقر الى شى ء اصلا بل هو الغنى الجواد عبد ام لم يعبد .
و هكذا تبين مغزى القول فى بيانه تعالى : كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف
فخلقت الخلق لكى اعرف . لان معرفة الله تعالى كعبادته تعالى غاية الخلق لا
الخالق اذ الهدف انما هو للمحتاج لا للغنى و الغرض انما يتصور للناقص لا
للكامل بالذات لان ذاته هو الهدف لجميع ما سواه .
ثم ان هناك بيانا حكميا فى ضرورة الغاية لكل فعل و فى تحتم الغرض لكل فيض و
فى كون كل فاعل انما هو يفعل لغاية ينحوها حتى يستكمل