اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی الجزء : 1 صفحة : 40
فزرع حقده هذا في نفوس المشركين بمختلف الوسائل المتيسرة لديه .
ومنعهم من البكاء على قتلاهم كما منع الشعراء عن التحدث عنهم أو رثائهم. وطلب من شركائه في المصيبة أن يتذرعوا بالصبر والجلد .
وقد برهن أبو سفيان ـ بذلك ـ على براعته في النفاذ إلى مكامن نفوس
المشركين . فاستثار نوازعهم النفسية حين خاطبهم بقوله [1] « فأنتم إذا
نحتم عليهم وبكيتموهم بالشعر أذهب ذلك غيظكم فأقعدكم عن عداوة محمد وأصحابه
، مع أنه إن بلغ محمداً وأصحابه شمتوا بكم . فيكون أعظم المصيبتين شماتتهم
. ولعلكم تدركون ثأركم . فالدهن والنساء عليّ حرام حتى أغزوا محمداً » .
ومن الطريف أن نذكر هنا أن الأسود بن المطلب أصيب له ثلاثة من ولده
في بدر . وكان يحب أن يبكيهم ولكنه توقف عن ذلك خوفاً من أبي سفيان .
فبينما هو كذلك إذ سمع إمرأة تجهش بالبكاء . فأراد أن يستحلي الأمر ليبكي
هو على قتلاه . فأرسل غلامه وقال له : أذهب فاستفسر هل بكت قريش على قتلاها
« لعلي أبكي فإن جوفي قد احترق » فذهب الغلام وعلم : أن الباكية إمرأة ضل
بعيرها فهز الأسود رأسه وقال :
أتبكي أن يضل لها بعيـر *** ويمنعهـا من النوم السهود
ولا نبكي على بدر ولكـن *** على بدر تصاغرت الخدود
فكان ابو سفيان إذن شيخ المؤلبين على حرب رسول الله بعد بدر . فعل
ذلك أثناء جمعه جموعهم ، وأثناء تأليبه أياهم ، وفي إخراجه النساء معهم إلى
أحد [2] .
1 ـ الواقدي : مغازي رسول الله ص 90 ـ 93 .
[2]ـ خرج أبو سفيان بهند وزوجة أخرى وصفوان بن أمية بأمرأتين
وطلحة بأمرأته والحارث بن هشام بأمرأته . وخرجت خناس بنت مالك مع ابنها
والحارث بن سفيان بأمرأته وكنانة بأمرأته وسفيان بن عويف بأمرأته والنعمان
وجابر إبنا مسك بأمهما .
اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی الجزء : 1 صفحة : 40