اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی الجزء : 1 صفحة : 111
قالت : لا والله ولا وبرة واحدة من مال المسلمين [1] .
إن هذه الحكايات ـ أن دلت على شيء ـ فإنما تدل على أن نفوس الناس
أوعية تقبل الخير ـ على أسوء الفروض ـ كما تقبل الشر . فاذا ساد الشر في
المجتمع وتبناه حكام السوء اختفت الفضيلة وقل ناصرها . والعكس صحيح كذلك .
وبما أن التاريخ البشري بصورة عامة ، والتاريخ العربي الاسلامي بصورة خاصة
قد غلبت على حكامه ـ باستثناء علي بن أبي طالب ـ شهوة الحكم والمحافظة على
المصالح الذاتية ـ بنسب متفاوتة ـ فلا عجب أن رأينا نفوس الرعايا قد طبعت
على الشر والهبوط عن مستويات الاخلاق الرفيعة .
وللحكام الامويين القدح المعلى في هذا الشأن .
ولواتيح لعلي بن أبي طالب أن يحكم العالم العربي ـ الإسلامي بعد
وفاة الرسول مباشرة لكانت الأخلاق العربية ـ الإسلامية المنتشرة في الوقت
الحاضر ـ غير ما هي عليه الآن .
وفي هذه النقطة بالذات يظهر أثر الامويين في الخلق العربي ـ
الإسلامي الشائع واضحا كالشمس في رائعة النهار . « سأل رجل عليا ما بال
المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال لأن أبا بكر
وعمر كانا واليين على مثلي . وأنا اليوم وال علي مثلك [2] . »
العصبية القبلية الجاهلية التي حاربها الإسلام : تمسك الامويين بأمويتهم اولا
1 ـ العقد الفريد 1 | 216 ، 217 .
[2]ـ مقدمة ابن خلدون ، المطبعة التجارية ص 211 . لعل الإمام قصد
بذلك أن الجبل الإسلامي الذي عاش في عهد أبي بكر وعمر ما زالت تكتنفه هيبة
النبي وتهيمن على نفسه الاحكام التي كان الرسول سائر ـ في سياسته ـ وفقاً
لمستلزماتها . أما الجيل الذي أراد أن يحكمه الامام ـ في ضوء القرآن وسيرة
النبي ـ فقد فسدت طباعه اثناء خلافة عثمان .
اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی الجزء : 1 صفحة : 111