responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی    الجزء : 1  صفحة : 106

ويلوح للباحث إن طارق بن عبد الله كان جاهلا بنفسية الامام ـ وإن كان ملتصقا به ـ . فغاب عن ذهنه أن الصديق الوحيد للإمام هو الحق وإشاعة العدل بين الناس . وقد دفعه جهله إلى إعلان استغرابه من موقف الامام ـ الطبيعي ـ من النجاشي . فالنجاشي ـ بنظر الامام ـ رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فاستحق على ذلك العقوبة الشرعية المناسبة .

وهنا يكمن سر خلود الامام ـ على مر الاجيال ـ ، ويتجلى الامام ـ في اتباعه الحق ـ كالطود ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير . وفي هذه النقطة بالذات يصعق مناوؤه ويتخاذلون فيذهبون مع الملك بالايام التي انسلخت من أعمارهم أثناء الحياة .

وفي هذه النقطة بالذات كذلك يبرز أنصار الامام ومشايعوه على السواء . فطارق المار الذكر لم يكن من أنصاره ـ من مشايعيه . وينعكس الامر عند الاشتر كما رأينا .

ولم يكن الامام غافلا عما ذكرناه . ولكنه كان مقيدا ـ في سياسته العامة ـ بقيود الشريعة ، مدفوعاً إلى اتباعها . فكان يقف مع النصوص لا يتعداها إلى الاجتهاد والاقيسة إذ لا اجتهاد في معرض النص .

وكان الامام يطبق أمور الدنيا على امور الدين ، ويسوق المسلمين جميعا مساقا واحداً . ولا يرفع ولا يضع إلا بالكتاب والسنة . ولم يكن يرى مخالفة الشرع لأجل السياسة سواء اكانت سياسة دينية ام دنيوية .

ولم يكن أيضا ينزل العقوبة ـ بمن يستحقا ـ إلا إذا ثبت عنده أن الانسان قام بعمل يستوجب العقاب . أي ان الاصل ـ عنده ـ براءة الذمة كما يقولون . ولا يعاقب قبل حدوث الجرم .

فالإمام إذن ـ وان فتح قلبه للمشايعين ـ لم يتردد في إزاحتهم عنه كلما آنس بتصرفاتهم خروجا عن الدين . واذا صح ما ذهبنا اليه جاز لنا ان نقول أن أولئك

اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست