و هي إمّا مصدر (1) وصى يصي بمعنى الوصل، حيث إنّ الموصي
يصل تصرّفه بعد الموت بتصرّفه حال الحياة، و إمّا اسم مصدر بمعنى العهد من وصّى
يوصّي توصية، أو أوصى يوصي إيصاء، و هي إمّا تمليكية أو عهدية (2)، و بعبارة اخرى (1) لم يذكر الوصية مصدراً للثلاثي، بل المصدر
له هو الوصي (بفتح الواو و سكون الصاد) فيتعيّن أن يكون اسم مصدر من الرباعي، و
يبقى حينئذٍ اختلاف الثلاثي و الرباعي في المعنى، حيث إنّ الأوّل بمعنى الوصل و
الثاني بمعنى العهد. و دعوى أنّهما مادّتان متبائنتان ليس بينهما أيّ نوع من
الاشتقاق كما في بعض الشروع، مندفعة بما ذكره الزمخشري في أساس البلاغة من قوله:
واصَى البلدُ البلدَ: واصلة، فإنّها ظاهرة في مجيء الرباعي أيضاً بمعنى الوصل،
فلا محيص من أن يقال: إنّ العهد أيضاً نوع من الوصل؛ لتقوّمه بالطرفين و تحقّق
اتّصال في البين.
(2) إن كان المراد
بالعهد هو العهد المتعلّق بخصوص العمل سواء كان راجعاً إلى الغير أو إلى نفسه فجعل
الوصية الراجعة إلى التسليط على الحقّ، أو فك الملك من أقسام الوصية العهدية، كما
هو ظاهر العبارة غير ظاهر، و إن كان المراد به هو العهد بالمعنى الأعمّ ممّا
يتعلّق بالعمل؛ و هو الذي يعبّر عنه في الفارسية به (سفارش) فجعل التمليكية قسيماً
للعهدية غير واضح، إذ حينئذٍ تصير التمليكية من أقسام العهدية أيضاً، و يؤيّده ما
أفاده من كونها بمعنى العهد إذا أخذت من الرباعي.