المؤوّلة، مثل: زيد موجود، و الإنسان حيوان ناطق، و
الحمليّات المؤوّلة، مثل:
زيد له البياض، و عمرو على السطح، و مناط الحمل في الأوّل
هو الهوهوية، و لا يكون بين الموضوع و المحمول فيها نسبة؛ لأنّ النسبة إنّما
تتحقّق بين الشيئين المتغايرين؛ إذ لا يعقل تحقّقها بين الشيء و نفسه.
و حينئذٍ نقول: إنّ
القضية إنّما تحكي عن الواقع، فلا بدّ من ملاحظته ليظهر حالها، و ملاحظته تقضي
بعدم كون «زيد» و «موجود» في الواقع شيئين، و عدم كون الإنسان شيئاً و الحيوان
الناطق شيئاً، و كذا لا يكون في الواقع مغايرة بين الجسم و بين الأبيض، و مع
اتّحادهما بحسب الواقع لا يعقل النسبة بينهما؛ لما عرفت من أنّ قوامها إنّما هو
بالمنتسبين، و إذا كان الواقع كذلك فالقضيّة المعقولة و كذا الملفوظة إنّما هما
كذلك؛ لأنّهما حاكيتان عنه، و مرآتان له، فلا يعقل النسبة فيهما، بل ملاك الحمل
فيها إنّما هو الهوهوية و الاتّحاد المنافي للمغايرة المحقّقة للنسبة، بل نقول:
إنّ الأصل في الحمليّات إنّما هو هذا القسم الذي لا يكون فيه نسبة، و لذا نسمّيها
بالحمليّات الغير المؤوّلة.
و أمّا غيرها من الحمليّات فمشتملة على النسبة؛ لأنّ البياض
لا يعقل أن يتّحد مع زيد و يتحقّق بينهما الهوهوية، نعم له ارتباط و إضافة إليه
باعتبار كونه محلّا له، و هو حالّ فيه عارض عليه، و هذا القسم هو الحمليّات
المؤوّلة، نحو: زيد في الدار، و وجه التسمية بذلك أنّها مأوّلة؛ لأنّ تقديره: زيد
كائن في الدار؛ إذ لا يحمل المحمول فيها على موضوعها بدون تقدير الكون و الحصول و
نحوهما.
هذا في الموجبات، و أمّا السوالب: فالتحقيق أنّها خالية عن النسبة مطلقاً؛ لما ذكرنا من
أنّها أيضاً حاكية عن الواقع، و من الواضح أنّه خالٍ عن النسبة، فقوله: زيد ليس
بقائم، يرجع إلى أنّ الواقع خالٍ عن النسبة بين زيد