معنى الفناء و الوجه و المرآتية ليس راجعاً إلّا سببيّة ذلك
لتعلّق الحبّ به و طريقته إليه، بل معنى تعلّق الحبّ به تعلّقه بوجهه و عنوانه
فقط، نظير العلم و أشباهه، فإنّه أيضاً من الصفات النفسانية القائمة بالنفس
المتحقّقة فيها المتشخّصة بصورة المعلوم الحاكية له الموجودة في النفس، و توصيف
الخارج بالمعلومية إنّما هو بالعرض، و إلّا فكيف يمكن أن يتّصف بذلك قبل تحقّقه؟!
مع أنّا نعلم بالبداهة كثيراً من الامور المستقبلة، مضافاً إلى أنّه كيف يمكن
حينئذٍ أن يكون شيء واحد معلوماً لأحد و مجهولًا لآخر؟! كما لا يخفى.
و كيف كان، فظهر أنّ المحبوبيّة و المبغوضية إنّما تنتزعان
من تعلّق الحبّ و البغض بالصور الذهنية للأشياء الخارجية، و لا ريب في أنّ تعدّد
الأمر الانتزاعي و كذا وحدته إنّما هو بلحاظ تعدّد منشأ انتزاعه و وحدته، و من
المعلوم تعدّده في المقام؛ إذ لا شكّ في أنّ الصورة الحاكية عن وجود الصلاة تغاير
الصورة الحاكية عن وجود الغصب؛ إذ لا يعقل أن يكون عنوان الصلاة و وجهها عنواناً
للغصب و وجهاً له، كما هو واضح، فكيف يلزم أن يكون شيء واحد مبغوضاً و محبوباً
معاً؟!
و منه يظهر أنّه لا يلزم اجتماع الإرادة و الكراهة أيضاً.
الأمر الثالث: لزوم اجتماع الصلاح و الفساد
و أمّا لزوم اجتماع الصلاح و الفساد في شيء واحد، فيدفعه
أنّ الصلاح و الفساد ليسا من الامور الحقيقيّة القائمة بالفعل بحيث يتحقّقان
بتحقّقه، بل إنّما هما نظير الحسن و القبح المتّصف بهما الأشياء، و من المعلوم
أنّه لا ريب في إمكان اتّصاف شيء بالحسن لأجل انطباق عنوان حسن عليه، و بالقبح
أيضاً لأجل انطباق عنوان قبيح عليه، فكذا في المقام نقول بأنّه لا بأس أن يتّصف
شيء