فانقدح من جميع ما ذكرنا: أنّ عدم الضدّ ليس بشيء حتّى يصدق على شيء آخر، كيف و لو
قلنا بذلك لا يرتفع الإشكال المتقدّم، فإنّ المعلول كما يصدق عليه ماهيّته صدقاً
حقيقيّاً كذلك يصدق عليه عدم العلّة صدقاً عرضياً، فيلزم أن يكون المعلول في رتبة
العلّة لكونه في رتبة عدمها الذي هو في رتبة وجودها، كما هو المفروض في النقيضين.
فتحصّل أنّ ما ذكره في الكفاية لم ينهض حجّةً على اتّحاد
رتبة الشيء و ترك ضدّه، كما عرفت.
ثمّ إنّه قدس سره- بعد العبارة المتقدّمة التي كان غرضه
منها إثبات التقارن بينهما- صار بصدد تشبيه الضدّين بالنقيضين، فقال: فكما أنّ
قضيّة المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك
في المتضادّين [1].
ما أفاده المحقّق القوچاني في المقام
و المستفاد ممّا ذكره بعض الأعاظم من تلامذته (هو الشيخ علي
القوچاني قدس سره) في حاشيته على الكفاية في شرح مراد العبارة: أنّ مقصوده من هذه
العبارة أيضاً إثبات كون الشيء و ترك ضدّه في مرتبة واحدة حيث قال ما ملخّصه:
إنّه لا إشكال في أنّ بين كلّ متقابلين من أقسام التقابل اتّحاد و تكافؤ في
المرتبة، أمّا المتناقضين: فلأنّ النقيض للوجود هو العدم البدلي الكائن في رتبته
لولاه الغير المجتمع معه لا السابقي و لا اللّاحقي المجتمع معه في دار التحقّق،