أحدهما: إنّ القتل مع الإكراه لا ينسب إلّا إلى المُكرَه المباشر، و لا يضاف
إلّا إليه، و الإكراه لا يوجب سلب الإضافة بعد صدور الفعل عن المُكرَه عن إرادة و
اختيار، و ترجيحه على الضرر المتوعَّد به من ناحية المُكرِه. و يدلّ عليه العرف و
العقلاء و اللغة أيضاً، فكما أنّ الإكراه على شرب الخمر مثلًا لا ينافي الإسناد
إلى المباشر و الحكم بأنّه شارب الخمر، كذلك الإكراه على القتل، فالقاتل هو
المباشر دون الآمر، و هذا من الوضوح بمكان.
ثانيهما: إنّ حديث الرفع [1] و إن كان مشتملًا على رفع ما استُكرِهوا عليه، و يدلّ على رفع الحكم
التكليفي و الوضعي المترتّب على العمل المُكرَه عليه مع قطع النظر عن الإكراه،
إلّا أنّه لا يشمل الإكراه على القتل، و إن توعّده بالقتل، لما ورد في النص و
الإجماع من أنّه «إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية» [2] بل قد ذكرنا في أوائل كتاب الحدود [3]: إنّ إطلاق حديث الرفع لا يشمل كل
محرَّم سوى القتل أيضاً، ضرورة أنّه لا يكاد يسوغ بالإكراه و التوعّد بالضرر
المالي مثلًا و إن كان مضرّاً بحاله الزنا، خصوصاً إذا كان مقروناً بالإحصان، و لا
يخرج عن الحرمة مثل ذلك بمجرّد التوعيد بالإهانة الموجبة لهتك الحيثية و أشباههما.
و
بالجملة: كما لا يسوغ قتل الشخص لأكله في المخمصة لأجل الاضطرار، كذلك لا يجوز
قتل الشخص لأجل الإكراه عليه، فهو القاتل عمداً عدواناً، و القود عليه لا على
المُكرِه. نعم ورد في رواية صحيحة وجوب حبسه حتّى يموت، و هي ما
[1] وسائل الشيعة: 11/ 295، أبواب جهاد النفس ب
56 ح 1.
[2] وسائل الشيعة: 11/ 483، كتاب الجهاد، أبواب
الأمر و النهي ب 31 ح 1 و 2.