و
كيف كان فلو كان ضربه بالنحو المشروع و المجاز لكن ظنّ الموت فانكشف عدمه، فالظاهر
أنّه لا مجال للاقتصاص من المقتصّ لعدم كون عمله عدواناً و ظلماً، و موجب القصاص
هي الجناية غير المشروعة. و أمّا إن كان ضربه بما ليس له الاقتصاص به، فالضرب
المذكور يكون غير مجاز فيترتّب عليه القصاص، لكن يرد عليه أنّ الضرب المذكور و إن
كان غير مجاز و لا مشروع إلّا أنّ الظاهر عدم ترتّب الضمان عليه بوجه، بل غايته
ترتّب مجرّد الإثم و التعزير عليه، و لا ملازمة بين عدم الجواز و بين ثبوت الضمان،
و قد تقدّم سابقاً أنّ مخالفة الكيفية المعتبرة في الاستيفاء لا يوجب القصاص، فلو
ضربه بالعصا حتّى مات تحقّق الإثم و التعزير فقط.
و
حينئذٍ فأيّ فرق بينه و بين ما إذا ضربه بالعصا فظنّ الموت ثم انكشف الخلاف،
خصوصاً مع كون ساعات الضرب و مقداره أقلّ، و مع كون الضرب بالعصا في كلتا الصورتين
بقصد القصاص و بعنوان التأثير في الموت، فهل فرق حينئذٍ بين ما إذا ترتّب عليه
الموت و ما إذا لم يترتّب؟ فكما أنّه لا يترتّب القصاص في تلك الصورة كذلك لا مجال
لترتّبه في هذه الصورة، فالإنصاف أنّ مقتضى القاعدة عدم القصاص في كلتا صورتي
المسألة.
الثاني: في الرواية الواردة في المسألة، و هي ما رواه الكليني عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أحدهما
(عليهما السّلام) قال: أُتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل، فدفعه إليه و أمره
بقتله، فضربه الرجل حتّى رأى أنّه قد قتله، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقاً
فعالجوه فبرأ، فلمّا خرج أخذه أخو المقتول الأوّل، فقال: أنت قاتل أخي و لي أن
أقتلك، فقال: قد قتلتني مرّة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله، فخرج و هو يقول: و
اللَّه