و
لكن هذا الكلام إنّما يتمّ لو كان النظر مقصوراً على القاتل فقط و لم يلاحظ
الاجتماع و سائر الناس، و أمّا مع ملاحظة العموم فالقصاص ضامن لحفظ الحياة، فإنّه
مع تحقّقه لا يتحقّق القتل من غيره إلّا نادراً، خصوصاً مع ملاحظة أنّ كلّ أحد في
مقام السعي و المجاهدة لحفظ حياة نفسه و عدم تحقّق ما يوجب التهديد بالإضافة
إليها. فإذا رأى أنّ القتل يؤثّر في زوال حياته بالقصاص لا يكاد ينقدح في نفسه
إرادته خصوصاً مع كون التصديق بالفائدة من مبادي الإرادة، و لا يتصوّر الفائدة مع
انتفاء الموضوع أصلًا، كما لا يخفى.
فإن
الظاهر أنّ المراد من قوله «بِغَيْرِ نَفْسٍ» هو عدم كونه بعنوان القصاص، و أمّا التشبيه الواقع في الآية فقد ورد
في توجيهه من أصحاب التفسير أقوال [2]:
منها: أنّ معناه هو أنّ الناس كلّهم خصماؤه في قتل ذلك الإنسان، و قد
وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعاً، فأوصل إليهم من المكر ما يشبه القتل الذي أوصله
إلى المقتول، فكأنّه قتلهم كلّهم؛ و من استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو ما يميت
لا محالة أو استنقذها من ضلال فكأنّما أحيا الناس جميعاً، أي أجره على اللَّه أجر
من أحياهم جميعاً.
و
منها: أنّ من قتل نبيّاً أو إمام عدل فكأنّما قتل الناس جميعاً، أي
يعذَّب عليه،