البراءَة،
لأنّ السقوط بعد الثبوت يحتاج إلى دليل، كما أنّه لا مجال لدعوى أولويّة سقوط عقاب
الدنيا من عقاب الآخرة، فإذا كان الثاني ساقطاً بالتوبة فالأوّل بطريق أولى، ضرورة
أنّ ذلك لا يقاوم الدليل نعم، وقع الخلاف بعد الاتّفاق على عدم السقوط في أنّه هل
للإمام العفو بعد قيام البيّنة كما كان له ذلك بعد الإقرار، أم لا؟ فالمشهور على
الثاني [1] و المحكيّ عن المفيد [2] و الحلبيين
[3] الأوّل، حيث خيّروا الإمام بين الإقامة و عدمها و يدلّ على المشهور
مضافاً إلى كثير من الروايات المتقدّمة في مسألة التوبة بعد الإقرار، كمرسلة البرقي
المشتملة على قوله (عليه السّلام): إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو، و إذا
أقرّ الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام، إن شاء عفى و إن شاء قطع [4] نظراً إلى ظهورها في ثبوت الفرق بين
الإقرار و البيّنة مطلقاً، من دون أن يكون لموردها و هي السرقة مدخليّة في ذلك
أصلًا. و قوله (عليه السّلام) في رواية تحف العقول المتقدّمة أيضاً في مقام
التعليل: «فإنّه لم يقم عليه البيّنة، و إنّما تطوّع بالإقرار من نفسه» [5] و مضافاً إلى الروايات الواردة في
الهارب من الحفيرة [6]
و أنّه إذا ثبت عليه الحدّ بالإقرار لا يردّ إليها، و إذا ثبت بالبيّنة يردّ
صاغراً مرسلة أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في رجل أقيمت عليه
البينة بأنّه زنى ثمّ هرب قبل أن يضرب،