و
الدّليل على عدم الوجوب في هذه الصورة ظاهر قوله تعالى
فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ[1] فإنّه يظهر منه أنّ الإرضاع إنّما هو باختيارهنّ، و القدر المسلّم
إنّما هي هذه الصورة، و قوله تعالى وَ إِنْ
تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى[2].
و
رواية سليمان بن داود المنقري قال: سئل أبو عبد اللَّه (عليه السّلام) عن الرضاع؟
فقال: لا تُجبر الحرّة على رضاع الولد، و تُجبر أُمّ الولد [3].
الثانية:
صورة الانحصار و إمكان حفظ الولد بلبن و نحوه مع الأمن من الضرر عليه، و في هذه
الصورة أيضاً لا يجب على الأُم الإرضاع لغرض إمكان حفظ الولد من غير لبن الأمّ، و
وجود الأمن من الضرر عليه، و جريان أدلّة عدم الوجوب في الصورة الأولى في هذه
الصورة أيضاً.
الثالثة:
لو فُرض الانحصار بها و توقّف الأمن من الضرر على إرضاع الأُمّ، لكن لا يجب عليها
الإرضاع مجّاناً بل لها المطالبة بالأُجرة، كما تدلّ عليه الآية و الرواية
المتقدّمتان، غاية الأمر أنّ الأُجرة في مال الولد إن كان له مال، و في مال الأب
مع يساره إن لم يكن له مال، بل ربّما يُقال: بثبوت الأُجرة عليه و لو مع إعساره، و
لكنّه يدفعه أنّ الأُجرة من الإنفاق الذي لا يجب مع الإعسار، كما أنّه ربّما
يُقال: بثبوت الأُجرة على الأب، و إن كان للولد مال يمكن أن يصرف في أُجرة
الرضاع، نظراً إلى إطلاق الآية المتقدّمة، حيث إنّ المخاطب فيها الأب، و مقتضى
الإطلاق عدم الفرق في الوجوب عليه بين وجود المال للولد و عدمه، كما يدلّ عليه
قوله تعالى أيضاً: