افتقار
إلى غيرهم، خصوصا مع ملاحظة أنّ الاقتصاد من أهمّ أمور المجتمع، و يتفرّع عليه
امور كثيرة من المحاسن و المضارّ المتعدّدة الفردية و الاجتماعية؛ و لذا نرى الأمر
بإيتاء الزكاة عقيب الأمر بإقامة الصلاة في كثير من موارد الكتاب العزيز، و لعلّه
يكون مشعرا بافتقار المجتمع إلى الامور العبادية و الاقتصادية، و إلّا فالواجبات
كثيرة، و عطفها على الأمر بإقامة الصلاة ممكن، و ظنّي أنّ تشريع المضاربة في
الإسلام من أدلّة كماله و تمامه.
و
الظاهر أنّه ليس كالبيع و الإجارة و النكاح و الطلاق من العقود و الإيقاعات الإمضائية،
غاية الأمر مع الاختلاف من حيث الشرائط، بل هي أمر تأسيسي لم يكن له سابقة في
الملل الاخرى و بين العقلاء، كما لا يخفى.
و
نظره إلى الدّين و الدّنيا فرارا عن الربا، كجعل المتعة فيه فرارا عن الزنا، كما
فصّلنا القول فيه في بحث نكاح المتعة المتقدّم في كتاب النكاح [1].
ثمّ
إنّه ذكر المحقّق الأردبيلي في كتاب زبدته المشتمل على آيات الأحكام ما يرجع إلى
أنّ في المضاربة آيات ثلاث؛ الأولى: فَانْتَشِرُوا
فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ[2]. و الثانية: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ
فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ[3]، و الثالثة:
وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ[4]، ثمّ أورد على الاستدلال- كما صنعه
بعض من فقهاء الحنفيّة
[1] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب
النكاح: 324، القول في النكاح المنقطع.