أقول:
الظاهر أنّ المصوّرين كما يستفاد من اللغة هم جماعة قائلون بثبوت الصورة للّه-
تعالى- و تجسيمه، و لا يبعد أن يقال: إنّ حرمة التصوير في هذا الفرع الذي نحن فيه
كان لنكتة عدم تشابه الخلق مع الخالق، و إيجاد الانصراف للناس عن صنع المجسّمة؛
لئلّا ينتهون إلى صنع الأصنام و يرجعون إلى ما كانوا عليه، و هذه النكتة موجودة
بالإضافة إلى زماننا الذي لم يكن مسبوقا بالجاهليّة و عبادة الأصنام و إن كان يوجد
قليلا في بعض الممالك كالهند و نحوه.
ثمّ
إنّه مع ذلك لا بدّ من ملاحظة سائر الروايات الواردة في المقام، فنقول:
منها:
رواية ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه
السّلام: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هدم القبور و كسر الصور [1]. هذا، و في طريقها سهل.
و
منها: رواية السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه
السّلام: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة فقال: لا تدع صورة
إلّا محوتها، و لا قبرا إلّا سوّيته، و لا كلبا إلّا قتلته [2].
و
الظاهر أنّ بعث الرسول عليّا- عليهما الصلاة و السلام- كان قبل ورود شخصه صلّى
اللّه عليه و آله إليها، و أنّ الصور التي أمر بمحوها هي الأصنام و هياكل العبادة
المبتدعة؛ لأجل عدم خروج المدينة عن الجاهليّة بعد وجود تلك الصور فيها
[1] الكافي 6: 528 ح 11، المحاسن 2: 453 ح 2562،
و عنهما وسائل الشيعة 3: 211، كتاب الطهارة، أبواب الدفن ب 44 ح 6، و ج 5: 305،
كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساكن ب 3 ح 7، و في بحار الأنوار 79: 286 ح 3 عن
المحاسن.
[2] الكافي 6: 528 ح 14، المحاسن 2: 453 ح 2561،
و عنهما وسائل الشيعة 3: 209، كتاب الطهارة، أبواب الدفن ب 43 ح 2، و ج 5: 306،
كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساكن ب 3 ح 8، و في بحار الأنوار 64: 267 ح 26 و ج
79: 286 ح 2 عن المحاسن.