و
النبويّ المحكي عن سنن البيهقي؛ إنّ أشدّ الناس عذابا عند اللّه يوم القيامة
المصوّرون [1]. و مثله ما عن الصحيحين: البخاري و
مسلم [2].
هذا،
و لكنّه أفاد الماتن قدّس سرّه أنّ هذه التوعيدات و التشديدات لا تناسب مطلق عمل
المجسّمة، أو تنقيش الصور؛ ضرورة أنّ عملها لا يكون أعظم من قتل النفس المحترمة،
أو الزنا، أو اللواط، أو شرب الخمر و مثلها من الكبائر.
و
استظهر أنّ المراد منها تصوير التماثيل التي هم لها عاكفون [3]، كما أنّه يحتمل أن يكون المراد من
قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المصوّرون» القائلين بالصورة و التخطيط في اللّه
تعالى، كما هو مذهب معروف في ذلك العصر.
ثمّ
قال: و المظنون الموافق للاعتبار و طباع الناس، أنّ جمعا من الأعراب بعد هدم أساس
كفرهم و كسر أصنامهم بيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمره كانت علقتهم
بتلك الصور و التماثيل باقية في سرّ قلوبهم، فصنعوا أمثالها حفظا لآثار أسلافهم و
حبّا لبقائها، كما نرى حتّى يومنا هذا علاقة جمع بحفظ الآثار المجوسيّة و عبدة
النيران في هذه البلاد حفظا لآثار أجدادهم، فنهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه
بتلك التشديدات و التوعيدات قمعا لأساس الكفر و مادّة الزندقة، و دفعا عن حوزة
التوحيد [4]، انتهى.
[1] السنن الكبرى للبيهقي 11: 78- 79، أبواب
الوليمة، باب التشديد في المنع من التصوير ح 14932.
[2] صحيح البخاري 7: 85 ب 89 ح 5950، و صحيح
مسلم 3: 1330 ح 2109. و قد رواه الحميدي في المسند 1: 65 ح 117، و ابن أبي شيبة في
المصنّف 6: 73 ب 71 ح 2، و ابن حنبل في المسند 2: 8 ح 3558 و ص 114 ح 4050، و
النسائي في السنن 8: 216، و الطحاوي في شرح معاني الآثار 4: 286.