ومنها:
صحيحة زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما
دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم وليصلِّ في آخر الوقت، فإذا وجد
الماء فلا قضاء عليه، وليتوضّأ لما يستقبل
[1].
وقد
نوقش في الاستدلال بها- على النقل الأوّل-: أنّ ظاهرها وجوب الطلب إلى آخر الوقت،
وهو مع مخالفته لتحديده بغلوة سهم أو سهمين
[3]، مخالف لفتوى الأصحاب [4]، فلابدّ من حملها على الاستحباب، أو تأويلها؛ بأن يقال: إنّ المراد
منه أنّه يجب الطلب إذا كان في الوقت، وكان واسعاً له من غير تعرّض لمقدار الطلب،
ومع عدم سعته له يتيمّم، فحينئذٍ تدلّ على جواز التيمّم في سعته؛ لأنّ قوله:
«فليطلب إذا كان في سعة» ظاهر في أنّه يتيمّم بعد الطلب في سعته، خصوصاً مع
مقابلته لخوف الفوت، فكأنّه قال: مع خوف الفوت يتيمّم بلا طلب، ومع سعته بعد
الطلب [5].
وقد
ظهر ممّا ذكرنا أنّ الأخبار المانعة لا تصلح في نفسها للاستدلال بها على المنع؛
لجريان المناقشة في جميعها. وعليه: فلا تصل النوبة إلى مقام الجمع بحمل الأخبار
المجوّزة على صورة اعتقاد الضيق خطأً، أو على صورة وجدان الماء قبل الفراغ من
الصلاة مع التيمّم، أو على كون التيمّم قبل الوقت لغاية فدخل وقت الصلاة فصلّاها
في السعة، أو على صورة الجهل بأنّ الحكم