اسم الکتاب : أحكام الأطفال المؤلف : جمع من المحققين الجزء : 1 صفحة : 308
و
هكذا جاء في تفسير المنار بعد التوضيح بأنّ الإضرار عامّ و يشمل إضرار الوالد و
الوالدة ولدهما، فالعلّة في الأحكام السابقة منع الضرار من الجانبين بإعطاء كلّ ذي
حقٍّ حقّه بالمعروف، و هو يتناول تحريم كل ما يأتي من أحد الوالدين للإضرار
بالآخر، كأن تقصّر هي في تربية الولد البدنية أو النفسيّة لتغيظ الرجل.
و
كأن يمنعه هو من أمّه و لو بعد مدّة الرضاع أو الحضانة، فالعبارة نهي عامّ عن
المضارّة [1].
و
الحاصل أنّ الآية الكريمة و إن لم يستفاد منها وجوب الحضانة بالمعنى المطابقي، و
لكن دلّت عليه بالالتزام؛ لأنّه لا يجوز للأمّ ترك الحضانة غيظاً لأبيه، كما أنّه
لا يجوز للأب أيضاً أن يحجب الولد عن أمّه إن تضرّر به، و كذا لا يجوز لهما فعل
كلّ ما يتضرّر به الولد، و منه ترك الحضانة.
و
أيضاً قال اللَّه تعالى: (وَ إِنْ كُنَّ
أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ
أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ)[2].
وجه
الاستدلال: أنّ معنى (وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ
بِمَعْرُوفٍ) أنّه يجب عليكم الائتمار و التشاور في أمر الصبيّ بالمعروف لدفع
الضرر عنه.
فصدر
الآية الشريفة و إن دلّ على وجوب النفقة و أجرة الرضاع على الأزواج، و لكن ذيلها
دلّ بالالتزام على وجوب الحضانة؛ لأنّ الحضانة من الامور المعروفة التي يلزم على
الوالدين رعايتها، و يجب عليهم التشاور بشأنها و الإقدام عليها، حتّى لا يتضرّر
الولد من تركها؛ و لذا نقل القرطبي أنّه «قيل في تفسير
(وَ أْتَمِرُوا ...):
ائتمروا
في رضاع الولد فيما بينكم بمعروفٍ حتّى لا يلحق الولد إضرار ...» [3]