ثمّ
لو قام الدليل على علّية شيء آخر كالأولى كان ذلك منشأ لسقوط الظهور الثاني عن
الاعتبار والحجّية بمقدار ما دلّ عليه الدليل، كما في علّة عدّة الوفاة وأنّها
لحرمة الزوج فيحكم بثبوت العدّة ولو مع العلم بانتفاء العلّة الأولى، أعني اختلاط
النسب، ولكن بمقدار ما دلّ عليه الدليل. نظير قيام الدليل على ثبوت عدل للواجب
الموجب لكون الواجب تخييريّاً؛ حيث يقتصر في رفع اليد عن ظهور القضية في الوجوب
التعييني بمقدار ما قام الدليل على كونه عدلًا للواجب، فيحكم بكون الواجب أحد
الأمرين لا ثالث لهما. وفيما نحن فيه يحكم بكون العلّة كلّ من العلّتين ولا ثالث
لهما وهكذا. وهذا لايوجب رفع اليد عن ظهور الدليل في انحصار العلّة رأساً.
كما
أنّه مع قيام الدليل على اشتراط شيء آخر في العلّية وعدم استقلال ما علّل به
الحكم في التأثير، يرفع اليد عن ظهور الدليل في كونه علّة تامّة مستقلّة بالتأثير،
ولكن بمقدار ما قام الدليل عليه، فتكون العلّة المنصوصة مؤثّرة بشرط ضمّ ما تضمّنه
الدليل الآخر خاصّة مع عدم اشتراط تأثيرها بشيء آخر؛ نظير ما يقال في الواجب بعد
ظهور دليله في عدم اشتراط وجوبه بشيء؛ لإطلاق الأمر به، فإذا تمّ دليل على اشتراط
الوجوب بشيء يقتصر في رفع اليد عن ظهور الدليل في إطلاق الوجوب بمقدار ما دلّ
الدليل الآخر على اشتراط الوجوب به، ويحكم بالإطلاق بملاحظة سائر الخصوصيات
المحتمل دخلها في الوجوب.
اسم الکتاب : المبسوط مسائل طبيه المؤلف : القائني، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 29