وقد
أنكر الشهيد الصدر قدس سره [1] هذا الارتباط فقال: إنّ منجّزيّة هذا العلم الإجمالي لا يرتبط بهذه
المسألة أصلًا، بل حتّى على القول بفعليّة التكليف في موارد الخروج عن محلّ الابتلاء
لا يكون هذا العلم الإجمالي منجّزاً.
وقال
في توضيح هذا الكلام: إنّ الدخول في محلّ الابتلاء لا يمكن أن يكون دخيلًا في
الملاك؛ لأنّ هذا الوصف لا يمكن أن يكون محصّصاً إلى حصّتين، حصّة داخلة في محلّ
الابتلاء، وحصّة خارجة؛ إذ فرض وقوعه هو فرض دخوله في محلّ الابتلاء، والملاك محرز
على كلّ حال، وهو كافٍ في التنجيز.
وأيضاً،
اشتراط الخطاب بهذا القيد غير صحيح؛ لعدم وجود الاستهجان عند الخروج عن محلّ
الابتلاء.
وفيه أوّلًا: أنّ قوله قدس سره: إنّ
منجّزيّة هذا العلم الإجمالي لا يرتبط بهذه المسألة أصلًا، محلّ تأمّل؛ فإنّ
الملازمة في جانب الإثبات ممّا لا يقبل الإنكار، فكلّ من قال بشرطيّة الدخول في
محلّ الابتلاء في صحّة التكليف؛ يجب أن يقول بعدم منجّزيّة هذا العلم الإجمالي،
ولعلّ مراده قدس سره هذا وإن كانت العبارة تأبى عن ذلك.
وثانياً: أنّ نفي الملازمة في جانب النفي إنّما يصحّ بناءً على عدم جريان
الأصل الترخيصي في الشيء الخارج عن الابتلاء، وسنذكر لكم بطلانه في الجواب عن
الدليل الثاني الآتي.
وثالثاً: سيأتي- إن شاء اللَّه- في الدليل الأوّل أنّ الخطاب، أو التكليف وإن
لميكن ملاكه مقيّد اًبهذا القيد؛ لرجوع الابتلاء إلى القدرة العادية، وهي كالقدرة
العقليّة غير دخيلة في الملاك، إلّاأنّ فعليّة الخطاب وتنجّزه مشروط بهذا القيد.
وبعد
بيان هذه الامور يجب البحث في مقامين:
المقام
الأوّل: في أنّه هل يكون الابتلاء وإمكانه شرطاً في التكليف، أم لا؟