فإنّ
البيان يصدر من الإنسان بإرادته، مع أنّه مستند إليه تعالى، فتدبّر.
الآية
الثانية: قوله- تعالى-: «وَعَلَّمَ آدَمَ
الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا»[1]. وجه الاستدلال: أنّ كلمة «الأسماء» جمع اسم، الذي هو دالّ على
المسمّى، فلازم تعليم آدم عليه السلام وجود الأسماء قبل خلقه عليه السلام؛ وهو
بمعنى وضع اللَّه تبارك وتعالى.
وفيه:
أنّ المراد من الأسماء ليست الأسماء المتداولة بين الألسن، بل المراد منها- خصوصاً
بقرينة رجوع ضمير ذوي العقول في قوله- تعالى-:
«ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ»[2]، وقوله- تعالى-: «أَ منبُونِى
بِأَسْمَآءِ هؤُلَآءِ»[3]، إلى الأسماء- الأسماء الخاصّة التي وردت في بعض الروايات [4].
وبالجملة:
من الواضح أنّه ليس المراد منها مثلًا كلمة «الماء» ونظائرها، خصوصاً مع استعمال
الملائكة، واعتراضهم على اللَّه، واستعمالهم الكلمات المتداولة، مع أنّ اللَّه-
تبارك وتعالى- يصرّح في هذه الآيات بعدم علم الملائكة بالأسماء.
ثمّ
إنّه قد ذكر في بعض الكلمات مبعّدات لبشريّة الواضع لا بأس بذكرها:
الأوّل: أنّ الإنسان الابتدائي كيف قدر أن يفهم أنّ من طرق إفادة المقاصد
استخدام الألفاظ، ولا يمكن توجيه الاستخدام إلّابالإلهام من اللَّه تبارك وتعالى؟
الثاني: أنّه وإن سلّمنا قدرته على فهم الاستخدام، لكنّه كيف كان قادراً
لتفهيم الآخرين؟ وهل للتفهيم استخدم ألفاظاً؟ فنسأل عنها كيف كانوا قادرين على
فهمها؟
الثالث: أنّ حقيقة الوضع البشري طبقاً للمسالك الموجودة عند الاصوليّين