ثالثة
بين الواقع والجعل، والامور لا تخرج من هذين
[1].
ووجه
الضعف: أنّه لم يرد من هذا الكلام حقيقة ثالثة، بل أراد أنّه من جهة يرتبط
بالاعتبار؛ لأنّ الشارع قد اعتبر، ومن جهة يرتبط بالواقع بلحاظ المناسبة الذاتيّة
بينهما.
وبهذا
التفسير يظهر الضعف أيضاً فيما فسّره بعض أهل النظر؛ من أنّ المراد من الواسطيّة
أنّ الوضع ليس كسائر الامور الاعتباريّة الشرعيّة التي تتقدّمه بإبلاغ الرسل، بل
أمر اعتباريّ يتحقّق بواسطة الإلهام من اللَّه إلى الناس
[2].
ووجه
الضعف: أنّه لا يكون بين التبليغ والإلهام فرق من جهة الواقعيّة والاعتباريّة،
فتدبّر.
ويرد
على الدليل الأوّل: أنّه تامّ إذا كان الوضع دفعيّاً من شخص واحد، مع أنّ المشهور [3] يعتقدون بتدريجيّة الوضع من أشخاص
بحسب احتياج كلّ شخص أو قوم إلى ما هو المقصود لهم. وبهذا البيان يتّضح ما في
الدليل الثاني؛ فإنّه تامّ إذا كان الواضع شخصاً واحداً. أمّا إذا كانوا متعدّدين
فلا وجه لذكرهم في التواريخ.
وأمّا
مسألة الإلهام، فلا يصحّ الالتزام به؛ فإنّا نسأل أنّ اللَّه- تعالى- هل ألهم كلّ
الناس بالنسبة إلى لفظ خاصّ، أو ألهم شخصاً خاصّاً؟ كلاهما غير صحيح جدّاً، أمّا
الأوّل؛ فللزوم عدم جهالة الإنسان بمعنى لفظ من الألفاظ، وأمّا الثاني؛ فلأنّه بعد
إلهام إليه من اللَّه- تعالى- فكيف يفهم الآخرين بدلالة هذا اللفظ لذلك المعنى مع
عدم إلهامه بالنسبة إليهم.
هذا،
مضافاً إلى أنّ مسألة الإلهام لو كانت لبيّنت في الكتب السماويّة، مع