الوجوب المقدّمي إليه أنّ المتأخّر ذو دخل في منشئيّته المتقدّم لعنوان حسن كدخل الغد في منشئيّة اليوم لعنوان المتقدّم إذ لولاه لما اتّصف اليوم بالتقدّم قطعاً،كما أنّه لو لا اليوم لما اتّصف الغد بالتأخّر جزماً فمعنى شرطيّة المتأخّر دخله في منشئيّة المتقدّم لعنوان حسن بسببه أمر به،و هو بمكان من المعقوليّة كما عرفت نظيره.
و فيه أنّ دخل شيء في منشئيّة شيء لعنوان انتزاعي ليس جزافاً بل لدخله تارةً في تألّف ماهيّة ذلك العنوان،و كونه من علل قوامه بحيث لو لم يكن لا معنى للحيثيّة الّتي يتحيّث بها منشأ الانتزاع،و أخر لدخله في وجود ذات منشأ الانتزاع و وجود الحيثيّة فيه،فالمتأخّر إن كان بوجوده العيني دخيلاً في المنشئيّة فهو بوجوده الخاصّ من علل القوام،أو من علل الوجود فما لم يتحقّق ما شأنه كذلك لا يعقل تحقق الأمر الانتزاعي.
و أمّا النقض بالمتقدّم و المتأخّر بالزمان فباطل لأنّ ما به التقدّم و ما به التأخّر في الزمان ذاتيّ له فبعض أجزاء الزمان بذاته متقدّم على بعضها الآخر،و بعضها بذاته متأخّر عن الآخر من دون دخل للمتأخّر في منشئيّة الجزء المتقدّم للمتقدّم و لا للمتقدّم في منشئيّة الجزء المتأخّر للتّأخّر.
نعم حيث إنّ عنوان التقدّم و التأخّر من العناوين الإضافيّة المعقولة بالقياس إلى الغير فلا بدّ من ملاحظة الطرف الآخر لكون المعنى معقولاً بالقياس إلى الغير لا لكون الطرف الآخر دخيلاً في منشئيّة طرفه لما هو ذاتيّ له،و المراد من الذاتي هو الذاتي في كتاب البرهان لا الذاتي في باب الكليّات،بمعنى أنّ وضع نفس الشيء كاف في انتزاع المعنى بخلاف الأبوّة مثلاً فانّه لا تنتزع من ذات الأب بل فيما إذا انعقد من نطفته شخص آخر.
و أمّا الزّمانيّات فانّما ينتزع منها التقدّم و التأخّر بالعرض بمعنى أنّ الزّمان هو الموصوف بالحقيقة بالوصفين لا الزّمانيّات و إن صحّ توصيفها بالعرض فلا نقض أصلاً هذا في مثل تقدّم زيد على عمرو بالزّمان و أمّا الحركات الّتي حقيقتها