responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 80

و لا موجودا و إن كان معدوما فما حضرته إن كانت الإمكان فلا فرق بينه و بين هذه العين التي خلع عليها الوجود فإن الوجود من حيث ما هو معدوم في هذه الحضرة محتاج إلى وجود و هذا يتسلسل و يؤدي إلى محال و هو أن لا توجد هذه العين و قد وجدت و ما خرجت هذه العين عن حضرة الإمكان فكيف الأمر

[إن الوجود كالصورة التي في المرآة]

فاعلم إن الوجود لهذه العين كالصورة التي في المرآة ما هي عين الرائي و لا غير عين الرائي و لكن المحل المرئي فيه به و بالناظر المنجلي فيه ظهرت هذه الصورة فهي مرآة من حيث ذاتها و الناظر ناظر من حيث ذاته و الصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها كالمرآة إذا كانت تؤخذ طولا ترى الصورة على طولها و الناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه و على صورته من وجه فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها و رأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه علمنا إن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة و لما لم يتأثر و لم تكن تلك الصورة هي عين المرآة و لا عين الناظر و إنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة علمنا الفرق بين الناظر و بين المرآة و بين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها و لهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة و إذا قرب قربت و إذا كانت في سطحها على الاعتدال و رفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى تعرفه أني و إن كنت من تجليك و على صورتك فما أنت أنا و لا أنا أنت فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود و من هو الموجود و من أين اتصف بالعدم و من هو المعدوم و من خاطب و من سمع و من عمل و من كلف و علمت من أنت و من ربك و أين منزلتك و أنك المفتقر إليه سبحانه و هو الغني عنك بذاته قال بعض الرجال ما في الجبة إلا اللّٰه و أراد هذا المقام يريد أنه ما في الوجود إلا اللّٰه كما لو قلت ما في المرآة إلا من تجلى لها لصدقت مع علمك أنه ما في المرآة شيء أصلا و لا في الناظر من المرآة شيء مع إدراك التنوع و التأثر في عين الصورة من المرآة و كون الناظر على ما هو عليه لم يتأثر فسبحان من ضرب الأمثال و أبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء و لا يشبه شيئا و ليس في الوجود إلا هو و لا يستفاد الوجود إلا منه و لا يظهر لموجود عين إلا بتجليه فالمرآة حضرة الإمكان و الحق الناظر فيها و الصورة أنت بحسب إمكانيتك فأما ملك و إما فلك و إما إنسان و إما فرس مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول و العرض و الاستدارة و اختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان و التجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود و المرآة تكسبها الأشكال فيظهر الملك و الجوهر و الجسم و العرض و الإمكان هو هو لا يخرج عن حقيقته و أوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفا و علما فإن وقفت عن إطلاق أمر تعطيك الحقيقة إطلاقه فما تتوقف إلا شرعا أدبا مع اللّٰه الذي له التحجير عليك فاعتمد على الأدب الإلهي و تقرب إلى اللّٰه بما أمرك أن تتقرب إليه به حتى يكشف لك عنك فتعرف نفسك فتعرف ربك و تعرف من أنت و من هو وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و في هذا المنزل علم الوجهين و علم الحضرة التي يكون فيها عين الصدق من عين الكذب و علم ما يستتر به العبد مما يكون فيه شقاؤه و علم اختلاف الأحوال و علم الختم و علم العدد و خواصه و علم التشبيه و علم الإنسان من حيث طبيعته لا غير و علم السوابق و اللواحق و علم الأرزاق و الخزائن و علم الحجب المانعة و علم التمليك و علم الجود المتوجه و علم اتفاق الوكيل من مال موكله و تصرفه فيه تصرف المالك مع كون المال ليس له و علم التمني و علم القضاء وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و أقول سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك

«الباب الثاني و العشرون و ثلاثمائة في معرفة منزل من باع الحق بالخلق و هو من الحضرة المحمدية»



جمع الأنام على إمام واحد عين الدليل على الإله الواحد
فإذا ادعى غير الإله مقامه ذاك الدليل على الخيال الفاسد
هيهات أين الواحد العلم الذي لا يقبل النسب التي في الشاهد
لا يقبل العقل الصحيح من الذي تعطي الشريعة من وجود الزائد

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست