responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 72

به وعدا شيطانيا و اللّٰه لا يقاوم و لا يغالب فالمغفرة متحققة و الفضل متحقق و باء الشيطان بالخسران المبين و لهذه الحقيقة أمرنا اللّٰه أن نتخذه وكيلا : في أمورنا فيكون الحق هو الذي يتولى بنفسه دفع مضار هذه الأمور عن المؤمنين و ما غرض الشيطان المعصية لعينها و إنما غرضه إن يعتاد العبد طاعة الشيطان فيستدرجه حتى يأمره بالشرك الذي فيه شقاوة الأبد و ذلك لا يكون إلا برفع الستر الاعتصامي الحائل بين العبد و الشرك وَ اللّٰهُ تعالى يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب التاسع عشر و ثلاثمائة في معرفة تنزل سراح النفس عن قيد وجه ما من وجوه الشريعة بوجه آخر منها»

و أن ترك السبب الجالب للرزق من طريق التوكل سبب جالب للرزق و أن المتصف به ما خرج عن رق الأسباب و من جلس مع اللّٰه من كونه رزاقا فهو معلول

لله بين السماء و الأرض تنزيل من أمره فيه تبديل و تحويل
ينحط من صور في طيها صور يمحو بها صورا لهن تمثيل
و صورة الحق فيه إن يكون على ما الحق فيه و إن لم فهو تضليل
الهو يصاحب مجلى الحق في صور و هو الصحيح الذي ما فيه تعليل
هذا مقام ابن عباس و حالتنا و قد أتى فيه قرآن و تنزيل
فلا تغرنك حال لست تعرفها فإنها لك تسبيح و تهليل
و قل بها و التزامها إنها سند أقوى يؤيده شرع و معقول
تقضي به صحف مثلي مطهرة منها زبور و توراة و إنجيل
فاشهد هديت علوما عز مدركها على العقول فوجه الحق مقبول
يحار عقلك فيها إن يكيفها فإنه تحت قهر الحس مغلول
فالحس أفضل ما تعطاه من منح و صاحب الفكر منصور و مخذول

[أن من كانت حقيقته مقيدا لا يصح أن يكون مطلقا]

اعلم وفقك اللّٰه أيها الولي الحميم تولاك اللّٰه برحمته و فتح عين فهمك إنه من كانت حقيقته أن يكون مقيدا لا يصح أن يكون مطلقا بوجه من الوجوه ما دامت عينه فإن التقييد صفة نفسية له و من كانت حقيقته أن يكون مطلقا فلا يقبل التقييد جملة واحدة فإنه صفته النفسية أن يكون مطلقا لكن ليس في قوة المقيد أن يقبل الإطلاق لأن صفته العجز و أن يستصحبه الحفظ الإلهي لبقاء عينه فالافتقار يلزمه و للمطلق أن يقيد نفسه إن شاء و أن لا يقيدها إن شاء فإن ذلك من صفة كونه مطلقا إطلاق مشيئة و من هنا أوجب الحق على نفسه و دخل تحت العهد لعبده فقال في الوجوب كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أي أوجب فهو الموجب على نفسه ما أوجب غيره عليه ذلك فيكون مقيدا بغيره فقيد نفسه لعبيده رحمة بهم و لطفا خفيا و قال في العهد وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فكلفهم و كلف نفسه لما قام الدليل عندهم بصدقه في قيله ذكر لهم ذلك تأنيسا لهم سبحانه و تعالى و لكن هذا كله أعني دخوله في التقييد لعباده من كونه إلها لا من كونه ذاتا فإن الذات غنية عن العالمين و الملك ما هو غني عن الملك إذ لو لا الملك ما صح اسم الملك فالمرتبة أعطت التقييد لا ذات الحق جل و تعالى فالمخلوق كما يطلب الخالق من كونه مخلوقا كذلك الخالق يطلب المخلوق من كونه خالقا أ لا ترى العالم لما كان له العدم من نفسه لم يطلب الخالق و لا المعدم فإن العدم له من ذاته و إنما طلب الخالق من كونه مخلوقا فمن هنا قيد نفسه تعالى بما أوجب على نفسه من الوفاء بالعهد و لما كان المخلوق بهذه المثابة لذلك تعشق بالأسباب و لم يتمكن له إلا الميل إليها طبعا فإنه موجود عن سبب و هو اللّٰه تعالى و لهذا أيضا وضع الحق الأسباب في العالم لأنه سبحانه علم أنه لا يصح اسم الخالق وجودا و تقديرا إلا بالمخلوق وجود أو تقدير أو كذلك كل اسم إلهي يطلب الكون مثل الغفور و المالك و الشكور و الرحيم و غير ذلك من الأسماء فمن هنا وضع الأسباب و ظهر العالم مربوطا بعضه ببعضه فلم تنبت سنبلة إلا عن زارع و أرض و مطر و أمر بالاستسقاء إذا عدم المطر تثبيتا منه في قلوب عباده لوجود الأسباب و لهذا لم يكلف عباده قط الخروج عن السبب

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست